Page 104 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 104

‫العـدد ‪١٩‬‬   ‫‪104‬‬

                                                    ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

‫سمير فوزي‬

            ‫رائحة ثوم‬                                   ‫العربات تنف ُّك من بعضها وتغادر القضبان‬

                                   ‫‪ -‬بتقولي إيه؟‬                           ‫لتتف َّرق فى صحراء واسعة‪.‬‬
         ‫رفعت رأسها فخرج صوتها واض ًحا حا ًّدا‪:‬‬       ‫الركاب يلقون بالأطفال من النوافذ فيصعد البعض‬

                       ‫‪ -‬مش هايبقى سواق قطر‪.‬‬                   ‫منهم باتجاه السماء ويطير البعض الآخر‬
                                  ‫‪ -‬وان ِت مالِك!!‬
                                                                        ‫بمحاذاة القطار بنفس سرعته‪.‬‬
                ‫دفعت قدمه بقوة وانتصبت واقفة‪:‬‬               ‫فكر أن يستعين بمساع ِده ثم عدل عن فكره‪،‬‬
                                         ‫‪ -‬ابني‪.‬‬
                                                              ‫عندما لم يجده بجواره فى كابينة السائق‪.‬‬
                                   ‫‪ -‬مش ابنك‪.‬‬
     ‫جلست قبالته على الكرسي وعيناها ثابتتان في‬             ‫لم توقظه كعادتها منذ عشر سنوات هي عمر‬

                                          ‫عينيه‪:‬‬           ‫زواجهما قبل الوردية بساعة وربع بالضبط‪،‬‬
              ‫‪ -‬عارفة‪ .‬من حقي أحدد مصير ابني‪.‬‬               ‫لم تدلِّك له ظهره وساقيه‪ ،‬قام غاضبًا وكأ َّن‬
‫لأول مرة يلاحظ أن عينيها واسعتان ورقبتها طويلة‪:‬‬
                                                                ‫شيئًا لم يحدث بالأمس وكأنها لم تضع‬
                                 ‫‪ -‬عارفة مكانه؟‬
                                        ‫‪ -‬طب ًعا‪.‬‬                             ‫رأسها برأسه لأول مرة‪.‬‬

                                      ‫‪ -‬مخبياه؟‬           ‫ش َّم رائحة الثوم تملأ الغرفة‪ ،‬اعتاد كل يوم أن‬
                                         ‫لم تر ّد‪.‬‬  ‫تطحن له فصين من الثوم يبتلعهماعلى الريق‪ ،‬فالثوم‬
                                         ‫‪ -‬فين؟‬
                                                         ‫كما علَّمها من ليلة زواجهما يطهر المعدة ويشد‬
                   ‫أعطته ظهرها فلاحظ انتصابها‪:‬‬
                                                                                           ‫الأعصاب‪.‬‬

                                                        ‫تجول فى الشقة يبحث عن مكان الثوم فاكتشف‬

                                                        ‫أنه لا يعرف الكثير عن محتوياتها‪ ،‬دخل المطبخ‬

                                                     ‫وجد الآنية كلها نظيفة وفارغة‪ ،‬فتح الثلاجة لم يجد‬

                                                       ‫ما يؤكل فأغلقها بعنف وهو يسب تلك المرأة التى‬
                                                      ‫أواها وجعلها ست البيت بعد أن ُطلِّقت مرتين لأنها‬

                                                       ‫كالأرض البور‪ ،‬ما كان ينتظر أب ًدا أن تتم َّرد عليه!‬
                                                         ‫يعرف أن يومه لن يكون مري ًحا فهو لا يأكل أو‬

                                                    ‫يشرب خارج البيت‪ ،‬فى سفر َّياته الطويلة تزوده بما‬
                                                       ‫يكفيه‪ ،‬رحلته اليوم تبدأ من محطة مصر ونهايتها‬

                                                                                             ‫أسوان‪.‬‬

                                                                     ‫بينما تعق ُد له رباط الحذاء همست‪:‬‬
                                                                                    ‫‪ -‬مش ها يرجع‪.‬‬

                                                                       ‫وصله همسها فسألها منده ًشا‪:‬‬
   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109