Page 98 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 98
العـدد ١٩ 98
يوليو ٢٠٢٠
المهندس شيئًا فاتنًا. باهتمام قالت ماري :لا أفهم قصدك.
صفرة فاقعة علت وجه ماري عندما نطق الرئيس رد مصطفى :هل هذه المرأة تصادق الشيطان
اسم مصطفى بوصفه صاحب المركز الثالث. مقابل منحها شبا ًبا دائ ًما؟
مصطفى نفسه تع َّطل سمعه ،فأعاد الرئيس النداء يا ماري هى من عمرنا ولكن ليس هناك تجاعيد لا
عليه ،عاد الوعي لماري فهمست في حسمُ :قم يا في وجهها ولا في يديها ولا حتى في رقبتها ،أعلم
مصطفى ،أنت لم تقصر ،وهذا نصيبك. أن أطباء التجميل يفعلون المعجزات ،ولكن ليس لهذا
الحد من الشباب ،هى تبدو كأنها امرأة ناضجة في
عادت لمصطفى حالة السقوط التي سيطرت عليه
بعد طعنة نوال ،لقد سقط في الوقوف وسقط في الثلاثين من عمرها.
وضعت ماري أصبعها فوق شفتيها وهى تهمس:
السير حتى بلغ حافة المنصة وسقط في صعودها،
وسقط في مصافحة الرئيس وتسلم الجائزة هذا يكفي ،المحكمون يصعدون إلى المنصة.
كان كلامه مع ماري قد قلَّل كثي ًرا من توتره،
التي كانت شجرة زيتون من الفضة والتلويح بها ولكن ما إن رأى المحكمين وهم يأخذون أماكنهم
لكاميرات التليفزيون والصحافة. فوق المنصة حتى عاد إليه التوتر وتسارعت دقات
قلبه حتى أنه راح يمرر يمينه على صدره ببطء ورقة
أخي ًرا انتبه إلى طريقة وقوف الفائزين ،العشرة ليسكن هذا القلب الذي يصرخ طالبًا لحظة التتويج.
يمثلون فريقين ،خمسة على يسار الرئيس وخمسة قدم رئيس لجنة التحكيم نفسه بوصفه المهندس
ألفونسو أيسانو من أكاديمية الهندسة الأسبانية.
على يمينه. استبشر مصطفى خي ًرا وزاد تفاؤله عندما قال
وقف على يمين الرئيس ثم شرد كأنه في حديقة الرئيس إن نائبه هو ماريو فلاكنتو عميد مهندسي
منزل أبيه قال لنفسه :جائزة المركز الثالث تبلغ روما.
مائتي ألف يورو ،مبلغ معتبر لم يكن يرقى إليه همس مصطفى لنفسه :إسبانيا وإيطاليا ،سأفوز
خيالي ،حتى مع خصم ثلث ماري سيظل المبلغ
طيبًا ،ولكن وفق أي مواصفات كان يجب أن أكون ورب الكعبة.
الأول أو الثاني ،لقد صنعت لهم عمارة من مواويل بدأ الرئيس في النداء على الفائزين باد ًئا بالفائز
الصعيد وضحكات السكندريين وسمسمية القناة،
العاشر.
كيف لم ينتبهوا لروحها؟ صعد الفائز والجميع يصفق له ،تسلم جائزته
صعد اليوناني صاحب المركز الثاني ،عندما التي كانت نخلة من النحاس ومعها شي ًكا بخمسين
عرضت الشاشة عمارته سقط مصطفى في نوبة
ألف يورو.
التصفيق. عرضت الشاشة العمارة التي ص َّممها الفائز
ثم تغير لون الإضاءة من الأبيض الصريح إلى فص َّفق لها الجميع ،ووقف الفائز على يسار الرئيس.
الأزرق الخفيف ،ثم البنفسجي ،ثم تعانقت الألوان مع توالي صعود الفائزين ،كان من الطبيعي أن
يبلغ توتر مصطفى عنان السماء ،ولكن ما حدث كان
وبدأت تخفت شيئًا فشيئًا ،حتى أظلمت القاعة العكس ،فمع كل اسم تهبط سكينة عجيبة على قلبه،
والمسرح تما ًما ،حبس انتظار اسم الفائز الأنفاس،
فالرئيس لم ينطق الاسم الأول بعد.
من مكان خفي هبطت موسيقا ناعمة ،من هذا صعد الجزائري الفائز بالمركز الرابع ،عمارته
العبقري الذي مزج دقات دفوف الزفاف المصرية أجبرت مصطفى على التصفيق واق ًفا ،لقد صنع هذا
الشهيرة بنغمات جيتار إسباني وبيانو فرنسي؟
كل موسيقا بلدان المتوسط كانت متمثِّلة في هذه
القطعة النادرة.