Page 93 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 93

‫‪93‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

‫أولى دورات انعقاد الجائزة ستكون في القاهرة‪ ،‬من‬                             ‫هراء وعمارته أكذوبة صحفية‪.‬‬
  ‫باب تكريم اسم مصر أنت ستتسابق باسم مكتبي‪،‬‬                  ‫يومها رد مصطفى بحسم‪ :‬الرجل الهراء هو‬
‫وستفوز‪ ،‬لأنك ‪-‬وهذا أعترف به كأني أتجرع السم‪-‬‬              ‫ذلك الرجل الذي كان يقول لتلاميذه‪ :‬لقد أصبحنا‬
                                                       ‫مس ًخا عندما تبنينا عمارة الحديد والزجاج‪ ،‬ثم عندما‬
                 ‫موهوب‪ ،‬ثم لأن مكتبي سيدعمك‪.‬‬              ‫أشاروا بطرف أصغر أصابعهم إليه لبَّى إشارتهم‬
    ‫عادت إليه روح السخافة التي بدأ يعتمدها في‬           ‫وراح يجمع تلاميذه ليشاركوه جريمة بناء عمارات‬
    ‫حواراته فسألها‪ :‬مكتبك أم مكتب البرديسي؟ ثم‬
   ‫أنا لم أسمع باسم مكتبك هذا‪ ،‬ثم ما المقابل الذي‬                                      ‫الزجاج والحديد‪.‬‬
  ‫ستطلبينه مقابل العمل تحت اسمك أو اسم مكتبك؟‬               ‫لم يحدث أكثر من أن الأستاذ أشار إلى باب‬
‫ردت بنبرة غضب‪ :‬أنت مهندس أم ضابط مباحث؟‬                ‫الخروج‪ ،‬ثم قال لظهر مصطفى‪ :‬اذهب إلى المحاسب‬
 ‫مئة مرة قلت إن الحاج البرديسي لروحه السلام‬                ‫وخذ حقك‪ ،‬ثم لن أراك في الشارع الذي يقع فيه‬
 ‫كان يعاملني كما يعامل الأب ابنته‪ ،‬ويرعى موهبتي‬
   ‫لوجه الله‪ ،‬تص ِّدق أم لا فهذه مشكلتك‪ ،‬حلها بعي ًدا‬                                  ‫مكتبي مرة ثانية‪.‬‬
    ‫عني‪ ،‬لم تسمع باسم مكتبي لأنه ليس مكتبًا من‬           ‫من بعد تلك الواقعة لم يستعن به مكتب هندسي‬
    ‫مكاتب بئر السلم‪ ،‬مكتبي دولي يا زميلي العزيز‪،‬‬         ‫واحد كأنهم جمي ًعا اتفقوا على طرده من ملكوتهم‪.‬‬
‫أعماله أهم من إعلاناته‪ ،‬نحن نعمل في أوروبا يا أخ‪،‬‬
  ‫لدى جهات حساسة‪ ،‬عندما تفوز‪ ،‬وأنا قلت لك إنك‬               ‫قطع رنين هاتفه المحمول حبل ذكرياته التي‬
‫ستفوز‪ ،‬فلمكتبي ثلث قيمة الجائزة‪ ،‬نسيت أن أخبرك‬           ‫لم يعد يرى أنها سوداء‪ ،‬تناول المحمول‪ ،‬نظر إلى‬
   ‫بأن صاحب المركز الأول سيحصل على ثلاثمائة‬            ‫شاشته فقرأ اسم ماري صاح بمرح‪ :‬البرديسي هانم‬
                                                        ‫تتصل بعبد الله الفقير إليه مصطفى فوزي‪ ،‬ما الذي‬
                 ‫ألف يورو‪ ،‬كم سعر اليورو اليوم؟‬
      ‫ضحك وقال‪ :‬أنت الدولية التي تعرفين هذه‬                                             ‫حدث في الدنيا؟‬
                                                            ‫ردت من الطرف الآخر‪ :‬أنت أسخف موهوب‬
                                ‫الأشياء الغامضة‪.‬‬             ‫عرفته‪ ،‬لكن ما علينا‪ ،‬عندي لك عرض‪ ،‬وكم أنا‬
     ‫ردت‪ :‬سخيف كعادتك‪ ،‬اليورو اليوم يساوي‬
‫سبعة عشر جني ًها وثلاثين قر ًشا‪ ،‬لا أظن أنه سيعلو‬                       ‫حزينة لأنني لم أجد غيرك لينفذه‪.‬‬
     ‫أو يهبط عن هذه القيمة خلال ستة أشهر‪ ،‬يعني‬          ‫ضحك وقال‪ :‬سبحان المعز المذل‪ ،‬قولي عرضك‪،‬‬
  ‫نحن نتحدث عن خمسة ملايين ومئة وتسعين ألف‬
  ‫جنيه‪ ،‬لي منها ثلثها والباقي لك‪ ،‬الاتحاد الأوروبي‬          ‫مع احتفاظي بحقي في التعجب من الحدأة التي‬
                                                                                 ‫ترمي الناس بالكتاكيت‪.‬‬
                              ‫سيتح َّمل الضرائب‪.‬‬
   ‫دفقة أمل لم يج ِّربها منذ زمن نوال ضربته من‬             ‫ضحكت وقالت‪ :‬حدأة في عينك‪ ،‬لسانك أطول‬
 ‫أخمص قدميه حتى منابت شعره‪ ،‬دفعته لأن يسأل‬                  ‫من قامتك‪ ،‬اسمعني‪ :‬دول المتوسط من الاتحاد‬
                                                       ‫الأوروبي‪ ،‬إيطاليا وفرنسا‪ ،‬وهذه الدول التي تعرفها‬
      ‫بصوت متشكك‪ :‬وإن لم أفز بالمركز الأول هل‬            ‫قررت إنشاء جائزة لعمارة المتوسط على أن يعبِّر‬
            ‫سأخرج من المولد بلا حمص كالعادة؟‬             ‫كل متسابق عن عمارة بلده مع ملمح يشير للإقليم‬
                                                       ‫كله‪ ،‬لن يصعب عليك وضع خازوق روماني أو عمود‬
      ‫ردت ماري نافدة الصبر‪ :‬هناك عشر جوائز‬
  ‫للعشرة الأوائل‪ ،‬صاحب المركز العاشر سيحصل‬                        ‫إغريقي في جانب من جوانب مشروعك‪.‬‬
 ‫على خمسين أل ًفا‪ ،‬وأنا قلت لك‪ :‬أنت ستفوز بالمركز‬      ‫قاطعها سائ ًل‪ :‬وما علاقتك أنت بهذه القصة كلها؟‬

    ‫الأول‪ ،‬سأنتظرك غ ًدا في فندق الغزالة لمزيد من‬           ‫قالت بتأ ُّفف‪ :‬دائ ًما أنت هكذا تريد معرفة كل‬
                                                       ‫شيء وأين بدأ وكيف انتهى‪ ،‬يا سيدي أنا لي مكتبي‪،‬‬

                                                           ‫وبعلاقات المكتب عرفت القصة كلها‪ ،‬وعرفت أن‬
   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98