Page 91 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 91

‫‪91‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

   ‫ومضت سنوات تصحيح المسار‪ ،‬فستظل على‬
‫حالك وسيظلون على حالهم‪ ،‬رفعت الأقلام وجفت‬

                                     ‫الصحف‪.‬‬

                     ‫>>>‬

    ‫كان يجلس عص ًرا في حديقة بيت أبيه يرسم‬
   ‫واح ًدا من مشاريعه التي لن تنفذ‪ ،‬وينشد بصوت‬
    ‫خافت شع ًرا صعد من قاع ذاكرته حتى طفا على‬

                                        ‫سطحها‪:‬‬

                          ‫من جديد ها أنا ألقاك‬

                        ‫في عصف الذهول المر‬
              ‫تجتاز الفجاج السود‪ ،‬مخبو ًل شقيّا‬
       ‫وبعينيك سؤال أخرس الدمعة مازال عصيّا‬

                  ‫ما الذي س َّدد في قلبك سكينًا؟‬
                         ‫وفي عينيك حز ًنا أبد ّيا‬

‫دخلت عليه منى فقطعت عليه إنشاده ورسمه‪ ،‬نظر‬

 ‫إليها‪ ،‬لقد أصبح لها وجه كوجه المرأة التي تكرهه‪.‬‬

 ‫هل هذه منى التي ع َّمدها بحبه على مدار سنوات‬
                                         ‫عمرها؟‬

    ‫أنزل عينيه من على وجهها وسألها‪ :‬أي شيء‬

                           ‫تريد السيدة الصغيرة؟‬

   ‫جلست في مواجهته وردت على سؤاله بسؤال‪:‬‬

                      ‫هل الباشا يسخر الآن مني؟‬
      ‫رد قائ ًل‪ :‬ليست سخرية‪ ،‬أنا أضع قلي ًل من‬

    ‫السخافة على طبق الحديث لكي أستطيع تناوله‪،‬‬

   ‫ولكي لا أنفجر في وجه كل هذا الكون‪ ،‬السخيف‪.‬‬

                     ‫قالت‪ :‬هل أنت غاضب منا؟‬

‫قال‪ :‬لا‪ ،‬أنا غاضب من نفسي‪ ،‬فعندما يلدغ أحدهم‬
     ‫من الجحر ذاته مئة مرة يكون مغف ًل لا يحق له‬

‫الغضب من الآخرين‪ ،‬عليه أن يو ِّجه سهام غضبه إلى‬
                                        ‫قلبه هو‪.‬‬

   ‫قالت‪ :‬نحن لم نقاطعك‪ ،‬لقد تركناك لفترة‪ ،‬حتى‬

   ‫تلتقط أنفاسك‪ ،‬فقد تعيد التفكير في الموقف‪ ،‬بابا‬

           ‫أنت لم تقدم لنا تفسي ًرا منطقيًّا لرفضك‪.‬‬
‫تن َّهد مصطفى قبل أن يقول‪ :‬تتحدثين عن المنطق‪،‬‬
   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95   96