Page 110 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 110

‫العـدد ‪١٩‬‬   ‫‪110‬‬

                                                       ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

   ‫معالمه في إطار جلدي مستدير منتفخ‪ ..‬لا تشغله‬
   ‫دراسته‪ ،‬لا يعطيها من الجهد إلا ما يكفي لانتقال‬
  ‫آمن‪ ..‬حتى نوع دراسته الجامعية اختار منها ما لا‬
  ‫يعرقل مسيرته الكروية‪ ..‬لا قداسة لديه إلا لجدول‬
   ‫التدريب والمباريات‪ ..‬إن ناشده الأصدقاء صحبة‬
‫إلى السينما اشترط أن لا تكون حفلة السهر‪ ،‬وامتنع‬
     ‫إن كان في الغد مباراة‪ ..‬إن سافرت الأسرة إلى‬
   ‫مصيف أو لتمضية أيام في البلد تخلَّف‪ ..‬لا يذكر‪،‬‬
   ‫منذ التحق بالنادي‪ ،‬أنه غادر المدينة سوى مرات‬
 ‫نادرة‪ ،‬ولمعسكر فريقه بإحدى المدن الساحلية مع‬

                          ‫بدء فترة الإعداد البدني‪.‬‬
     ‫كم كلفته غوايته الكثير من الإحراج‪ ..‬السرح‬
    ‫عن متابعة الدرس في الفصل‪ ،‬والتنبه مع سؤال‬
    ‫الأستاذ‪ ،‬والضرب أو الطرد من الحصة‪ .‬لوم أمه‬
   ‫الشديد للامبالاته بمرض أخته‪ ،‬وعدم زيارتها في‬
    ‫المستشفي‪ ،‬ودعاؤها بأن يحرقه الله‪ ،‬هو والكرة‬
    ‫في يوم واحد! حين ضغط على أبيه لشراء حذاء‬
   ‫كرة مستورد‪ ،‬غير تلك محلية الصنع التي يوفرها‬
   ‫النادي‪ ،‬فسأله راجيًا أن يكتم عن أمه وإخوته أمر‬
‫الحذاء الباهظ الثمن‪ ..‬سخرية زملائه المريرة منه في‬
 ‫عامه الأول بالجامعة‪ ،‬حين دعوه للخروج معهم في‬
   ‫المظاهرة ضد الرئيس الذي ع َّدل الدستور‪ ،‬فسأل‬

                    ‫في سذاجة عن سبب التظاهر!‬
   ‫غواية المنتفخة‪ ،‬وإن كانت تسبِّب الحرج حينًا‪،‬‬
 ‫والشعور بالتفاهة والخواء حينًا‪ ،‬إلا أنها دو ًما تحلق‬
    ‫بك في آفاق الازدهاء‪ ..‬تخلق فيك ذاك الإحساس‬

     ‫الجميل بالأهمية أينما حللت‪ ..‬ترقب في تجاهل‬
   ‫مصطنع نظرات الإعجاب في شوارع الحي‪ ،‬وأنت‬
‫تختال حاملاً في يد شنطتك الرياضية الكبيرة‪ ،‬ويدك‬

                       ‫الأخرى في جيب بنطلونك‪.‬‬
      ‫تنضم إلى مجموعة الزملاء والزميلات عند‬
   ‫سلم الكلية أو في كافيتيريتها الخلفية‪ ،‬فتتغير دفة‬
   ‫الحديث كله إلى الكرة‪ ..‬تشير إحداهن بانبهار إلى‬
  ‫صورتك في الصحيفة والإشادة بأدائك في مباراة‬
   ‫الأمس‪ ،‬فتبتسم في هدوء‪ ،‬وكأن هذا أمر طبيعي‪..‬‬
   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115