Page 111 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 111
111 إبداع ومبدعون
قصــة
أح ًدا حباه الله ،مثل هذه النعمة ..نعمة أن تكون يؤكد أحدهم أن طريقك إلى الفريق الأول مفتوح،
متعتك هي مجال عملك ..وحده لاعب كرة القدم الذي فتقول في قلق غير منزوع الثقة إن الأمر ليس بهذه
السهولة ..تصف الميدان ،الملعب العشبي الأخضر،
يستمتع بعمله ،ويجني منه المال والشهرة ..ولا
أحد سواه يملك أن ُيعبِّر في الآن بجنون عن فرحته بأنه عش الدبابير.
بإنجازه ،فيشاركه في ذات اللحظة ،الآخرون -في يذكركم أحدكم بالنكد المنتظر ..بمحاضرة
الدكتور فلان ،التي ستبدأ بعد قليل ..تتح َّدثون
الملعب وفي المدرجات -جنون الفرحة ..الكاتب عن نرجسيته..عن جبروته ..وخشيتكم منهُ ..تل ّمح
يحترق ..الممثل يعاني ..لاعب الكرة وحده الذي لا زميلة تهتم بك إلى أنه لا يحترم سواك ..فقط أنت
يشكو أنه يعاني أو يحترق ..لذة الاستمتاع تستمر، الذي تسلم من سخريته وإهاناته وتسفيهه لآرائنا..
تضحك مطو ًل ..تتذكر حين أشار إلى اسم لاعب
حتى وإن ذاق في مباراة مرارة الهزيمة! كبير في ناديك أنقذه في المطار من مصادرة شنطة
يتذ َّكر حين تهافتت على ضمه أندية أكبر ..سارع تمتلئ بالكتب ،أخذها ضمن أمتعته ،وخرج بها دون
تفتيش .تنتشي وهو يحثك في المحاضرة على
ناديه إلى ربطه بعقد طويل الأجل ..لم يكن من التش ُّبث بكرة القدم ..تذكر وهو يجيب على دهشة
الأساس راغبًا في انتقال ..يقدس قميص النادي الزملاء بقوله :حذاء لاعب كرة برأس ألف عالم.
الذي فيه نشأ وازدهر ..فيه من النجوم الكبار كوكبة حفظ عن ظهر قلب تعليمات المد ِّربين الذين تتالوا
يتمنَّى أن يلعب بجوارهم ..إنها خطوة ويتحقق الحلم على ثقل موهبته في كل مرحله سنية ..النوم مبك ًرا..
الكبير ..العقد ال ُمجزي يؤكد ،وحتى الآن لم ُيخيب إياك ومقاربة السجائر ..صحبة البنات نهايتك..
الآمال ..يؤمن له العقد الجديد دخ ًل يفوق بكثير الغرور مقتلة اللاعب ..يعلم أن للنجومية ثمنًا..
دخل أبيه ..أفاض على أسرته الكبيرة من الخير وللمجد تضحيات يرخص لأجله كل غا ٍل ..الملعب
العميم ..لا تكف عن الدعاء له ولكرته المنتفخة ،أم ُه، ميدان قتال ،ليس مجرد عشب أخضر جميل ،وكرة
ُدبر كل صلاة ..تتباهى بين نساء العائلة والحي منتفخة تداعبها ..تصارع بين ثلاثين أو أربعين غ ٍّض
بأنها ،دونهن جمي ًعا ،أم الكابتن ..والكابتن الصغير طموح ليكون لك مكان بين أحد عشر لاعبًا.
صراع أبدي متواصل لا يتوقف ..يبدأ كل عام
على الطريق يسير بنجاح كبير. ويستمر طوال الموسم ..تتغير الوجوهُ ..تستبعد
جاءته في موعدها اللحظة الفارقة ..تم تصعيده عناصر ،ويأتي جدد يزاحمون من تبقى ..يتضاعف
القلق إن جاء موهوب يلعب في مركزك ..سيبقى
إلى الفريق الأول ..فريق الكبار ..يتدرب معهم، لك اعتبارك ،ولكنه من دون شك سيأخذ فرصته،
يكتسب الخبرات ،لكن ظل يؤدي مبارياته الرسمية وإن أثبت جدارة سيجد ألف يد تدعمه ..كل مدرب
يتمنى أن يلعب دور المكتشف ،صانع النجوم ..لكن
مع فريق الشباب ..وكان على العهد حين واتته كل مدرب أي ًضا لا يريد أن يفشل ،سيبقيك -كمن
الفرصة ..فرصة اللعب مع الكبار ..جلس بديلاً في سبقه -ورقته الرابحة ،رهان فوزه وصنع مجده ،إن
غير مباراة ،ثم شارك لدقائق أخذت تمت ُّد لشوط دمت الأفضل!
بأكمله ،فأ َّدى بتميز و ُغمر بالثناء ..يعي الدرس الذي يحمد الله ،أن خلقه لاعب كرة ..مشروع نجم..
ح َّفظه إياه عشرات المد ِّربين :الأدب والصبر الجميل يجتذب الأنظار وينتزع آهات المعجبين ..لا يحسب
والعمل الدءوب ..اللعب مع الكبار مجد ..ولكن حذار!
تجتاز المضمار الأصفر لتأخذ على العشب
الأخضر في الميدان مكا َن نج ٍم يريد أن يلعب عشر
سنوات ..قد يكون في غير يومه ،غير موفق أو
أصيب ،يخرج وتدخل ..يغادر الملعب وهو ينظر إليك
بارتياب ..يقول «جود لك» ،وهو في داخله لا يتمنَّى