Page 115 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 115

‫نون النسوة ‪1 1 5‬‬

                                                               ‫تجاوز مركزية التطابق في هذه العمليات التي تتصل‬
                                                               ‫ببنية الأنا التأملية نفسها(*)‪.‬‬

                                                               ‫هكذا يتَّسع مدلول الأنا –في خطاب‬

                                                               ‫لاكان– وينطوي على تأمل الذات‪ ،‬وما‬

                                                               ‫يتجاوزها‪ ،‬كما يتصل أيضا بتناقضات‬

                                                               ‫الهو‪ ،‬وعمليات المعرفة غير الكلية؛ ومن‬

                                                               ‫ثم تنفتح بنية تأملات الأنا ‪-‬ضمن‬

                                                               ‫شروطه الخاصة– إلى ما يتضمن الذات‬

                                                               ‫المتكلمة‪ ،‬أو إلى العمليات التي يمكن‬

                                                               ‫تخييل الذات فيها في نطاق شعري‬

                                                               ‫أدبي‪ ،‬أو في نسق بنائي رمزي قابل‬

                                                               ‫للاتصال بعوالم اللاوعي أي ًضا؛ وهو ما‬

                                                               ‫نلمحه في خطاب رضا أحمد الشعري؛‬

‫كريم عبد السلام‬  ‫زهرة يسري‬                 ‫علاء خالد‬           ‫فالعمليات الإدراكية التي تتصل بتأملات‬
                                                                ‫الكينونة‪ ،‬وتواترها في الديوان‪ ،‬تنطوي‬

                                                               ‫على فعل التخييل المجازي للذات‪ ،‬أو رؤيتها في فضاء‬

 ‫انعكاسها في وعي المتكلمة رأسيًّا؛ مثل بحر الدموع‪،‬‬                ‫نصي تشكيلي‪ ،‬أو تشكيلها السيميائي الخاص في‬
‫والحبيب المجدف‪ ،‬والحائط الافتراضي‪ ،‬والمصباحين‪،‬‬                 ‫نسق تصويري تشكله قوى اللاوعي‪ ،‬وعلامات العالم‬

   ‫تقع أي ًضا في تجاور علاماتي يفكك بنية الاتصال‬                               ‫المدرك‪ /‬المنعكس في الوعي في آن‪.‬‬
‫المركزي بينها؛ ومن ثم تكتسب هذه العلامات دلالات‬                ‫تقول رضا أحمد في قصيدة «أكثر مما ينبغي لمقبرة‬

‫تنتمي إلى شعرية الذات‪ ،‬ودلالات أخرى من داخل‬                    ‫ملكية»‪:‬‬

‫علاقات التجاور بين الحلمي‪ ،‬والافتراضي‪ ،‬والتكوين‬                ‫«أحب رؤية أشيائي الصغيرة‬

‫الواقعي الممزوج بالجمالي؛ والذي يذكرني بحديث‬                   ‫تنمو في طمأنينة‪،‬‬

‫جياني فاتيمو عن التداخل بين الفن‪ ،‬والحياة اليومية‬              ‫لد َّي بحر دموع صغير أسفل سريري‪،‬‬
                                                               ‫حبيب يجدف في أضرحة زياراتي‪،‬‬
‫فيما بعد الحداثية في كتابه «نهاية الحداثة»؛ ويمكننا‬
                                                               ‫حائط افتراضي‬
‫معاينة رؤية الذات المتكلمة للضمير المتكلم المتخيل‬
                                                               ‫يحملق أسفله كلب مستأنس‪،‬‬
‫من الخارج في مشهد النظر من النافذة؛ وكأن الشاعرة‬
                                                                     ‫وشعر متشابك حط عليه مؤخ ًرا‬
  ‫ترصد شعرية فعل الخروج‪ ،‬ولقاء الفني بالواقعي‬                                             ‫مصباحان‬
  ‫في بنيته التفاعلية‪ ،‬أو أ َّنها ترصد نو ًعا من الولادة‬
‫المتجددة للكينونة الأنثوية من فضاء النافذة الأنثوي‬             ‫يغردان عندما أخرج رأسي من النافذة»‬

‫المجازي؛ فالذات هنا تحتفي بشعرية الأشياء التي‬                  ‫(قبلات مستعارة‪ ،‬ص‪.)13‬‬

  ‫تذ ِّكرني بقصيدة النثر التسعينية لدى علاء خالد‪،‬‬              ‫يحيلنا خطا ُب الشاعرة ابتداء إلى فعل الذات المتكلمة‬
‫وزهرة يسري‪ ،‬وكريم عبد السلام‪ ،‬وإن اتخذت هنا‬                    ‫أثناء تأمل حياة الأشياء الصغيرة المجازية في فضائها‬

‫حد ًسا مختل ًفا‪ ،‬أو موق ًعا تجريبيًّا مغاي ًرا يميل إلى كثافة‬  ‫الأنثوي؛ ومن ثم تشكل المتكلمة خصوصيتها البنائية‪/‬‬
  ‫الصور‪ ،‬وعدم الإيغال في علامات الحلم غير الواعية‬                  ‫النصية من داخل التعاطف بين المتكلمة‪ ،‬والأشياء‪،‬‬

‫التي تأتي هنا ضمن شبكة من العلاقات الشعرية‬                     ‫بينما نلمح نو ًعا من علاقات التجاور السيميائي‬
                                                               ‫بين العلامات‪ ،‬وتحول الذات إلى علامة قابلة للرؤية‬
‫التفاعلية التي تعكس شبحية البنى الواقعية نفسها‪،‬‬
                                                               ‫الشعرية التسجيلية التي تتجاوز مركزية الوعي‬
                 ‫وعلاقاتها النسبية التداخلية بالضمير‪.‬‬
                                                               ‫المدرك؛ فعلامات الأشياء التي ندركها من خلال‬
‫وقد يتداخل كل من التشكيلي‪ ،‬والحلمي في نسق‬
   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120