Page 117 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 117

‫نون النسوة ‪1 1 7‬‬                                                          ‫السيميائي الأخير في النص نفسه؛ والذي يذكرنا‬
                                                                                                   ‫بعوالم بيكيت؛ تقول‪:‬‬
      ‫الخاصة‪ ،‬وفيما يتجاوز هذه الشعرية نفسها من‬                                                          ‫«سأختفي‬
 ‫رؤى‪ ،‬وأحلام قيد التشكل دائ ًما من داخل أثر الجمالي‬                                                 ‫في طر ٍق فارغة‬

   ‫المستدعى من تاريخ الفن‪ ،‬وأصواته‪ /‬صوت سلفيا‬                                                 ‫داخل سيار ٍة متح ِّجرة‬
      ‫بلاث‪ ،‬والتناص مع أثرها في الوعي‪ ،‬واللاوعي‪،‬‬                                          ‫مغمورة بعجينة الأسمنت‬

   ‫والكوني‪ /‬الثقوب السوداء؛ ومن ثم تحتفي المتكلمة‬                                                 ‫لن تجد المكتشف‬
   ‫بتع ُّددية المنظور‪ ،‬والفضاء‪ ،‬ونسبية الإدراك‪ ،‬وقوى‬                            ‫في عصر ما بعد الفقاعات الجنينية»‪.‬‬
‫التجدد الداخلية التي تعزز من البنية السيميائية للأخيلة‬
                                                                                                          ‫(ص ‪)31‬‬
                  ‫الذاتية‪ ،‬ومحاولة تجاوزها في آن‪.‬‬                          ‫تبدو بنية الاختفاء هنا اختيارية؛ ومن ثم فهي‬
   ‫وتعيد المتكلمة تخييل الأصالة الإنسانية النسبية‬                        ‫حياة فنية تشبيهية تتضمن الموت‪ ،‬ولا تتطابق مع‬
     ‫ضمن وعيها الأنثوي الخاص‪ ،‬ولاوعيها حين تقرأ‬                       ‫مدلوله؛ فهي تستنزف الموت في مرح مدلولي الفراغ‪،‬‬
   ‫شخصية البائع البسيط من داخل أصالته‪ ،‬واتصاله‬                          ‫والصمت؛ وكأن الفضاء الصلب هو فضاء تشبيهي‬
     ‫بشعرية الروح؛ وتستعيد –عبر التناص– شخصية‬                        ‫للصورة‪ ،‬ويذكرنا بتصور بودريار عن التباس الصورة‬
                                                                       ‫بالحقيقي في كتابه التشبيهات‪ ،‬والمحاكاة؛ فالمتكلِّمة‬
      ‫ماكبث لدى شكسبير في سياق ما قبل الصخب‪،‬‬                               ‫تشير إلى ق َّوتي الحضور‪ ،‬والغياب م ًعا في حالة‬
       ‫والحرب؛ في سياق الطفولة الملائم لانطباعاتها‬                   ‫اختفاء الصوت‪ ،‬أو تأجيل بنيته في إطار جمالي‪ ،‬يشبه‬
 ‫الشخصية المجازية عن البائع؛ تقول في قصيدة حتى‬                            ‫الانبعاث الآخر‪ ،‬ويؤكد التداخل الجمالي بين حياة‬
                                                                        ‫الأطياف‪ ،‬والشخصيات الفنية بين كل من الماضي‪،‬‬
                     ‫ماكبث كان يحب الآيس كريم‪:‬‬
                         ‫«الحياة نزهة قصيرة‪،‬‬                                                               ‫والمستقبل‪.‬‬
                                                                       ‫وقد تحيلنا الشاعرة إلى علامات الكينونة الأنثوية‬
                  ‫تمشي فيها بقميصك الأبيض‪،‬‬                              ‫الخاصة في بنية النص اللغوية‪ ،‬وإلى إمكانية تحرر‬
                              ‫يليق بنبيل مثلك‬                        ‫وعيها من تلك العلامات نفسها؛ وهو ما يؤكد تجاوزها‬

                     ‫أن يأكل آيس كريم الفانيلا‬                           ‫لمركزية الأنا‪ ،‬وتفضيلها للمراوحة بين ولوج عالم‬
                        ‫من فتحة قميص فاتنة‬                              ‫الذات‪ ،‬والخروج من مركزيته في آن؛ تقول في نص‬
                             ‫احتفظ بها مجمدة‬
                                   ‫في رأسه»‪.‬‬                                         ‫لإنقاذ التاريخ الدرامي لورقة التوت‪:‬‬
                                    ‫(ص ‪)101‬‬                                 ‫«تح َّررت من ابتسامة صفراء لوردة ذابلة‬

    ‫تعيد الشاعر ُة تخييل شعرية حضور الآخر فيما‬                                                      ‫تلح ُس جسدي‪،‬‬
     ‫وراء بنية الفراغ في المشهد؛ وكأن صورة الآخر‬                       ‫من تل ُّص ِص ظلي المختبئ في جيوب ضيوفك‪،‬‬
  ‫تجسد أصالة البساطة‪ ،‬والبهجة‪ ،‬وفضاءات اللاوعي‬
     ‫الفسيحة بداخل الأنثى‪ ،‬وأحلام يقظتها‪ ،‬وتأملات‬                            ‫من مهادنة امرأ ٍة تدهن وجهها بالبطيخ‪،‬‬
‫الضمير في مدلول الوجود‪ ،‬واتساعه‪ ،‬وانفتاحه الدلالي‬                                                   ‫وتتعرى أمامك‪،‬‬
     ‫على تاريخ الفن الموازي لمرايا اليومي‪ ،‬والبسيط‬
                                                                           ‫من ضحكتي الملفوف ِة في أكياس بلاستيك‪،‬‬
                                                             ‫هوامش‪:‬‬             ‫تح َّررت من مطالعة الثقوب السوداء‪،‬‬
                                                                                      ‫من مصادفة شب ِح سلفيا بلاث‬
‫‪(*) Read, The Seminar of Jacques Lacan, Edited by Jacques‬‬
                                                                             ‫وهو يمنح الشياطين مق َّشات الصعود»‪.‬‬
‫‪Allain Miller, Book 2, The Ego in Freud's Theory,‬‬                                                     ‫(ص ‪)85 ،84‬‬

‫‪Translated by Sylvana Tamaselli, Cambridge University Press,‬‬           ‫يجمع الخطاب الشعري هنا بين علامات الكينونة‪،‬‬
                                                                         ‫وتفاصيلها المجازية‪ ،‬واليومية‪ ،‬وحالة التحرر التي‬
‫‪1988, p. 5, 6.‬‬                                                          ‫تومئ بتجدد العالم الداخلي للمتكلمة ضمن شعريته‬
   112   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122