Page 122 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 122

‫العـدد ‪١٩‬‬   ‫‪122‬‬

                                                     ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

                                ‫وانطلق يهذي‬                                       ‫«يقول المجنون‪:‬‬
                  ‫ك ُغراب مهاجر يلعن الموت»‪.‬‬                                             ‫أنا الرجل‬
   ‫ثم تنتقل في ذات القصيدة إلى إسماعنا لصوت‬
                                                                             ‫الذي يبتسم لك ِّل جدار‬
                          ‫الذوات الجمعية‪ ،‬فتقول‪:‬‬                                  ‫لا يجد عليه ظلَّه‪.‬‬
                          ‫«البرد مظلم وظلوم‪،‬‬
        ‫وعظام الجوعى دائ ًما ما كانت متف ِّحمة؛‬                 ‫ُيطمئن الفيلسوف وجهه في المرآة‪:‬‬
                                                                                 ‫لقد رأيت كل شيء‬
                                           ‫لذا‬
             ‫الحكومات مضطرة إلى الاستثمار‬                                     ‫إلا حقيقة كونك أبل ًها‬
                                                                                   ‫يعد رأس العالم‬
                    ‫في حفر القبور الجماعية»‪.‬‬                                              ‫لجريمة‪.‬‬
    ‫ثم ُتنهي الشاعرة رضا أحمد الديوان بقصيدة‬
     ‫تخاطب فيها الآخر‪ ،‬تتح َّدث بصوته‪ ،‬تكشف عن‬               ‫«أمي دعتني لوليم ٍة على شرفها الليلة«‬
‫أحلامه المجهضة‪ ،‬عن انكساره الحتمي‪ ،‬تتشارك معه‬                                 ‫يخبر التمساح رفاقه‬
  ‫ذات المصير‪ ،‬ليصير صوت الأنا هو صوت الآخر‪،‬‬
  ‫كلنا يمشي إلى حت ِفه‪ ،‬لأنه لم ينل من الحياة سوى‬                           ‫أنه اضطر أكلها مرغ ًما؛‬
    ‫هذه القبلات المستعارة التي لم ت ِقم حياة‪ ،‬فكانت‬               ‫لأ َّنها كانت تبكي إخوته الصغار»‪.‬‬
‫القبور با ِّتساع المدى‪ ،‬تقول في القصيدة التي ختمت‬      ‫إذن كل شيء يتع َّرض لهذا الفقد وذلك الألم‪ ،‬فكيف‬
 ‫بها الديوان بعنوان‪« :‬كنت أوصيهم بمسلة من حجر‬            ‫تواجه الذات الشاعرة مواجعها‪ ،‬هل يختلف وضعها‬
                                                     ‫كثي ًرا عن حال المجنون والفيلسوف والتمساح‪ ،‬تتح َّدث‬
                                      ‫الديوريت»‪:‬‬     ‫الذات الشاعرة ليس بصوتها الأنثوي‪ ،‬بل بصوت الرجل‬
                      ‫«وحي ًدا تمشي إلى موتك‬             ‫أحيا ًنا‪ ،‬لأ َّنها تدرك في لحظة كشف أن ألم الإنسان‬
                  ‫بينما تصط ُّف شواهد القبور‬         ‫واحد‪ ،‬وأنها حين تتص َّور حالا ٍت شعري ًة بصوت الرجل‪،‬‬
                                                     ‫إنما هي أي ًضا تكشف بالضرورة عن مواجع الأنثى‪ ،‬لأن‬
                                  ‫حول حجر‪،‬‬
                       ‫ك ٌّل منها يبكيه لخطيئة‪،‬‬                    ‫الإنسانية تتشارك ذات المصير المؤلم‪:‬‬
                  ‫وما عليك إلا أن تتذ َّكر اسمك‬                              ‫«ثمة فنادق أقل سع ًرا‬
                        ‫لتنام تحته إلى الأبد»‪.‬‬
                                                             ‫من خديعة القبور الم َّجانية في الحرب؛‬
                                                     ‫كنت الرجل الذي دفن زوجته في مصحة عقلية‪،‬‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127