Page 121 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 121
نون النسوة 1 2 1 وفي قصيدة طويلة «حل ٌم معفى من الضرائب»
تتمثل الذات الشاعرة قيم ما بعد الحداثة التي أسهمت
تعرفت على الخير
من الروائح الفرنسية الثمينة في فراء النباتيين في تسليع الإنسان وأحلامه ،في تشظي الذات
الشاعرة ،في عولمة الألم واليأس ،في مزيد من القلق
والأحذية الأنيقة للعدائين
في مارثون إنقاذ مئة قرية تحت السيل، الوجودي ،في محاكاة ساخرة وبارودي موجعة
أكثر منها ته ُّكمية .إن الذات في هذه القصيدة تمسك
وعرفت المرض
من خ َّديه البارد ْين بين يدي بكاميرا افتراضية وتتج َّول في الفضاء الافتراضي
العالمي لترصد الذات الإنسانية وهي تفقد إنسانيتها
وأنا أداعبه: لحظة بلحظة وتتح َّول إلى مجرد أرقام في معادلات
كم أنت وديع ومتواضع يا عزيزي
لتقتني حنجرة هذه الطفلة الواهنة». اقتصادية كبرى لشركات متع ِّددة الجنسيات
ثم تنهي تلك القصيدة بكادر طويل ساخر يكشف والولاءات دون أن تجد الذات ما يحفظ إنسانتيها .إنها
عن وعي الشاعرة ببلاغة السخرية في شعرية ما بعد
شعرية عوالم دستوبيا تفقد فيها الذوات الإنسانية
الحداثة قائلة: إنسانيتها .تسير الذات الشاعرة بكاميرتها الافتراضية
«جولة أخرى وتفارقني كاميرا المراقبة
النعاس ينسا ُب في عين طقم الحراسة لترصد لنا كادرات ومشاهد تكشف عن فقد الذوات
الإنسانية لإنسانتيها ،تبدأ تلك الكادرات بمشهد
ونظرتي مخلبية تنهش ذ َّرات الليل؛ لها قبل أن تنطلق لترصد هذا الاستلاب الممنهج
لو كان للتمثال قلب للإنسانية ،تقول في الكادر الأول:
«رأيـت نفسي في الظل
سيكون لوقفتي في الشمس أتح َّقق من صورتي في جريدة
تعاطف بارد من المتط ِّفلين وألتق ُط ملامحي بالكاد؛
وشاعر يتأ َّملني بصم ٍت ويكتفي بالانحناء، كن ُت شاحن ًة مف َّخخة،
حزام ديناميت يلتف حول خصر مدينة،
لو كان للأسمنت ذاكرة وناقلة بترول عملاقة
ستكون لساع ِة معصمي مصاريف إدارية، تخوض أولى رحلاتها وسط الحرائق
للزنابق الغبية تحت قدمي بند إضافي في وصراخ شركة سارقة للقارات
تطالب الحيتان بمبلغ التأمين».
الميزانية
وللأحياء الفقيرة أشجار ثابتة، في كادر آخر ساخ ٍر تؤنس الزهرة التي خرجت
عن «البزة الرسمية» بما ترمز إليه البزة من دلالات،
بنايات بألوان وردية، فكان مصير الزهرة ،بما ترمز إليه الزهرة ،مأساو ًّيا:
ولي أجر عامل فقير
«حزينة وغائمة،
ينتظر بصبر تأثير الخل وملح الليمون والكلور زهرة خرجت للتو عن طاعة بزة رسمية،
في إزالة نكهة ورد النيل من المياه».
وتستمر الشاعرة رضا أحمد في سرد تخ َّطفتها الأقدام.
وتج َّمدت في لقطة العام التذكارية
حكايات الدستوبيا التي تمتلئ بكل صور الهزائم
والانكسارات .تخرج خارج أزمات الذات المفردة ،في وسط بكاء المعجبين».
محاولة لكشف أزمات الذات الجمعية ،لكنها هنا تقوم تكمل الذات الساردة كادراتها الساخرة ،فتقول:
بعولمة هزائم الذات الجمعية ،وكأن العالم كله يعيش
«تعرفت على الوقت
في هذه الهزائم والمفاسد والانكسارات ،لا فرق، من ملاطفة صدأ المعدن بلساني،
الجميع يعيش لحظات الانكسار ،الذوات هنا ذوات
عولمية ما بعد حداثية ،يجمعها الألم والفقد واستلاب وتعرفت على البشر
من الهدايا العالقة في شراك التبادل التجاري
الإنسانية .تكشف في قصيدة بعنوان «الذي فاز
بالسمكة وفر هار ًبا» ،هذه المشاهد من الاستلاب
بشتى تجلياته وصوره: