Page 118 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 118

‫العـدد ‪١٩‬‬   ‫‪118‬‬

                                                        ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

                                                                    ‫د‪ .‬هويدا صالح‬

‫استلاب الإنسانية في دستوبيا‪..‬‬
               ‫« ُقبلات مست َعارة»‬

‫النثر أمام معادلة جمالية صعبة؛ لأ َّنه ينظر إلى الواقع‬    ‫لا يمكن لقراء ٍة نقدية ما أن ت َّدعي إحاطتها كلي ًة‬
  ‫وما هو يومي ومعيش ومطلوب منه أن يصوغه في‬
                                                             ‫بنص شعري‪ ،‬فثمة مدخل قرائي يسعى للإحاطة‬
‫سياقات جمالية خاصة لها بلاغتها الخاصة بعي ًدا عن‬           ‫بالخطاب الجمالي الذي َتمثَّله الشاعر‪ ،‬والذي حاول‬
                           ‫الإيقاع والمجاز القديم‪.‬‬
                                                              ‫فيه أن يحيط ببلاغة المفردة والصورة الشعرية‬
  ‫ليس ث َّمة معايير وجماليات ثابتة ومسبقة يمكن أن‬       ‫وقدرتهما على التعبير عن المعنى‪ ،‬وهناك مدخل قرائي‬
   ‫يتمثَّلها شاعر قصيدة النثر‪ ،‬فالنصوص التي يبدعها‬
‫الشعراء يمكن أن يستعين بها النقاد فيما بعد لتوصيف‬         ‫آخر يحاول أن يحيط بالخطاب الرؤيوي الذي يكمن‬
    ‫معايير جمالية ت ِسم قصيدة النثر؛ فهذه المعايير لا‬        ‫في طبقات النص وما يحاول الشاعر أن يقدم من‬
 ‫تتش َّكل خارج النصوص‪ ،‬إنما تتش َّكل طور تجريب كل‬
  ‫شاعر لتجربته الخاصة‪ ،‬فهذه المعايير الجمالية التي‬        ‫خطاب ثقافي ثا ٍو في هذه الطبقات؛ وبذا يعمد الناقد‬
‫تتشكل مع القصائد والتجارب الشعرية المختلفة ليست‬             ‫إلى أن يحفر في تضاعيف النص وطبقاته وصو ًل‬

     ‫«شرو ًطا» قبلية يتمثَّلها أي شاعر‪ ،‬إنما هي سمات‬     ‫إلى رؤية الشاعر للعالم وكيفية تم ُّثل هذه الرؤية وما‬
‫ومعايير نسبية كتبها شعراء في تجاربهم الخاصة بهم‪،‬‬                  ‫يحاول أن يق ِّدمه الشاعر من خطاب جمالي‪.‬‬

           ‫وحاول النقاد أن يضعوا لها تصو ًرا بعد ًّيا‪.‬‬     ‫وصار من البداهة أن الن َّص الشعري له طبقات‬
    ‫وبعد كل هذه العقود التي قطعتها قصيدة النثر‪،‬‬          ‫بعضها فوق بعض‪ ،‬والقراءة الأولى قد لا تحيط بكل‬
  ‫وثبت شعراؤها أقدا َمهم في المشهد الشعري العربي‬
     ‫صار من الممكن تل ُّمس بعض القيم الجمالية التي‬          ‫الطبقات التي يراكمها الشاعر من لا وعيه ووعيه‬
                                                            ‫برؤية عميقة للعالم‪ ،‬وأن الحفر عمي ًقا في طبقات‬

                                                                       ‫المعنى هي التي تميِّز قار ًئا عن آخر‪.‬‬
                                                          ‫كما أنه صار من البداهة أي ًضا أن شاعر قصيدة‬
   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123