Page 120 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 120
العـدد ١٩ 120
يوليو ٢٠٢٠
تضع قصيدتك في شعرها أي ًضا يعاني من كليهما ،فهو مصير ليس محتَّ ًما فقط
وخاتمك الأرجواني في حمالة صدرها البيضاء. على البشرية ،بل العدو الأول في تصور البشرية،
الشيطان ،الذي اغترب عن محيط السماء وانتبذ
بابتسام ٍة قديمة تلعق شفتيك.. لنفسه مكا ًنا قصيًّا منها ،لأنه تم َّرد وقال لا ،فالـ
تقف في آخر الشارع «المجد لمن قال لا».
تقول رضا أحمد:
تباهي رفاقك الذين رحلوا في د َّوامات الخريف.. «أنا امرأة عادية،
تأك ُل برتقالة حين يشاورني الشيطان في أمر
أجلس معه دون تردد،
ولا تكتر ُث لباق ِة ع َّباد الشمس الذابلة بين أتح َّدث إليه كرفي ٍق قديم،
يديك». مثلي
يعاني من لعنة الغربة
تستم ُّر الذات الشاعرة في كشف غربتها عن هذا وغلطة النبذ،
العالم ،غربتها ورثتها منذ الميلاد ،وتستمر معها ،فلا هو الأجدر بالنصح؛
شيء آخر بقادر على أن يخرجها من هذه الغربة التي ج َّرب كل أنواع الخرائب،
تحيطها ،في القصيدة التالية بعنوان« :أوتجرا ٌف فارغ وقرأ آدم كام ًل
قبل أن يحذ َف الله منه ضل ًعا!».
لحفل وادع» .تقول:
«سقط ُت من رحم السماء ثمة إشارات ثقافية مكثَّفة ثاوية في طبقات المعنى،
فالشيطان الذي قرأ آدم ويعرف قسوة البشر على
في حجر أمي، بعضهم بع ًضا تتضامن معه ذات شاعرة تعاني من
لم تمنحها المفاجأة فضيلة التساهل مع الفقد،
الوحدة وقسوة الغربة والنبذ ،فهل من قبيل الصدفة
ل َّفتني جي ًدا بملابس أخ ٍت لي، أن من تتعاطف معه هي امرأة ا ُّت ِه َمت طوال التاريخ
ماتت من ِقبل الثقافة الذكورية أنها السبب في طرد آدم من
الجنة؟ هل هي ذاتها التي حذفها الله من ضلع آدم
ولم يجف قطن دموعها. أو استخرجها منه كائنًا منقو ًصا -بحسب الثقافة
الآن قبل أن أوقع أتوجرا ًفا فار ًغا الذكورية -لا وجود لها بذاتها ،بل كائن تابع لآدم
لملاك ْين يتشاجران أمام طيفي الواهن،
أتلكأ في إزاحة عيني عن تاجك الشوكي الذي هي بعض ضلعه؟!
هي الثقافة الذكورية ذاتها التي جعلت الذات
وأنصرف إلى الضوء.. الشاعرة تشعر بالنبذ والغربة ،ترتحل معنا إلى
رغبت َك، القصيدة التالية بعنوان« :عن الغيمة التي سقطت في
فنجانك» ،فالذات هنا تتح َّول إلى عرافة ،عرافة تنبئ
ليست أكثر من أن « َت ْب ُش َر» جسدي الآخر المخاطب في النص بأنها ستخرج إليه ،لكنه
كح َّبات ال ُّسكر لا يراها سوى جسد ،فيضع قصيدته في شعرها،
وخاتمه الأرجواني في ح َّمالة صدرها ،ويباهي رفاقه
خلال نظرة واحدة». بقبلاته لها ،ثم يأكل برتقالة ،ولا يكترث لباقة عباد
في القصيدة التالية «أكثر مما ينبغي لمقبرة
ملكية» ،تستمر الذات الشاعرة في سرد مواجعها الشمس /المرأة الذابلة بين يديه:
وتجليات هذه المواجع والآلام ،لا شيء ُيطمئِن «تطمئنك الع َّرافة:
ذا ًتا تشعر بالغربة والنبذ منذ القصيدة الأولى في أنها ستخرج إلي َك،
...
الديوان:
«لدي بحر دموع صغير أسفل سريري،
حبيب يج ِّدف في أضرحة زياراتي،
حائط افتراضي
يحملق أسفله كلب مستأنس،
وشعر متشابك حط عليه مؤخ ًرا
مصباحان
يغ ِّردان عندما أُخرج رأسي من النافذة».