Page 116 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 116

‫العـدد ‪١٩‬‬   ‫‪116‬‬

                                                        ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

     ‫للاتهام من قبل الوعي‪ ،‬بينما نراه يفكك مركزيته‪،‬‬          ‫سيميائي يحتفي باستبدالات العلامة في تداعيات‬
‫ويسعى لاستبداله في بنية العالم الحقيقي المؤجلة في‬        ‫الكتابة في قصيدة بعد انقطاع التيار الكهربائي‪ ،‬أخمن‬
‫القصيدة‪ ،‬والتي تتجاوز بنية الإدراك المعرفي للمتكلمة‬
‫إزاء تصورها عن الضمير في تشكله المجازي النصي‪.‬‬                                      ‫رائحتك؛ تقول الشاعرة‪:‬‬
 ‫وتج ِّدد الذات قراءتها للكينونة الأنثوية عبر ولوجها‬                       ‫«على شفتي تتش َّكل صحراء‬
‫لعلامة المرآة‪ ،‬وحضورها المجازي الطيفي في الوعي؛‬                           ‫كأ َّنها تتح َّسس عطشها الأول‪،‬‬

      ‫والذي يعيدنا إلى تصور جاك لاكان حول علاقة‬                                          ‫وتخيم نجمة‬
  ‫الأنا بالوعي‪ ،‬والتأملات الذاتية؛ فالمتكلمة تؤجل بنية‬                         ‫يبيع داخلها غراب جائع‬

     ‫التحول المحتملة في حضورها الأنثوي المجازي‬                                            ‫بي ًضا فاس ًدا‬
   ‫المنعكس في المرآة في حلم اليقظة الفني؛ تقول في‬                                 ‫لعدد من الفراشات»‪.‬‬
 ‫قصيدة لست مضط ًرا لدفع تابوتي على عربة خضار‪:‬‬
                                                                                             ‫(ص ‪)22‬‬
         ‫«لا تعج ُبني التماثيل الطينية للبطالمة‪،‬‬            ‫تصير الذات هنا مثل فضا ٍء تشكيلي فني للحلم‪،‬‬
                   ‫سأموت‪ ،‬ومرآتي تلتصق بي‬               ‫وحلم اليقظة‪ ،‬وعلامات اللامعقول التي تقع في تشكيل‬
                                                             ‫سردي استبدالي للعلامة؛ فالجسد الأنثوي ينفتح‬
 ‫تابوتي اللامع المزخرف بانتصاراتي الصغيرة‪.‬‬                 ‫على اتساع الكوني‪ ،‬وعلى فراغ الصحراء المجازي‪،‬‬
                    ‫لن أموت الآن على كل حال‪.‬‬            ‫بينما تتشكل صورة الغراب سرد ًّيا ضمن فضاء الذات‬
                                                         ‫التشكيلي اللامعقول؛ وكأن الذات تسخر من كينونتها‬
        ‫الن َّحاتون لم يخرجوا جسدي من المرآة‪،‬‬           ‫الخاصة عبر هذه العلاقات الفنية التشكيلية التي تحتل‬
                  ‫والوقت سيكون في صالحي‪،‬‬                    ‫موقع الجسد‪ ،‬وتحتفي بفعل اللعب العلاماتي الذي‬
                   ‫أخشى فقط أن يتف َّتت وجهي‬                ‫يؤول إنتاجية وعي الأنثى في المشهد‪ ،‬بينما يفكك‬
                     ‫وتفارقني الهالات السوداء‬              ‫مركزية حضورها في آن في حالة انفصال الصور‪،‬‬

     ‫التي تجعلني أبدو جميلة‪ ،‬وامرأة مجربة»‪.‬‬                                           ‫وتجليها الظاهراتي‪.‬‬
                                     ‫(ص ‪)29‬‬                ‫ثم تقيم الذات نو ًعا من الحوار المجازي مع الظل‬
                                                         ‫الذي يندمج بمستويات اللاوعي العميقة في القصيدة‬
    ‫تشير الشاعرة هنا إلى ثلاثة أشكال من التحول‬
    ‫التصويري التشكيلي لبنية الذات الفنية؛ فهي تعيد‬                                          ‫نفسها؛ تقول‪:‬‬
‫تخييل الذات؛ مثل تمثا ٍل بطلم ٍّي مؤجل قيد التشكل في‬                  ‫«أطارد ظلي الخائف في الدولاب‪،‬‬
 ‫الوعي‪ ،‬واللاوعي‪ ،‬يكون بدي ًل عن الموت‪ ،‬أو يستبدل‬
‫مركزيته‪ ،‬وتشير إلى وجود طيفي تسجيلي في المرآة‪،‬‬                              ‫أربطه بغصن لبلاب أخضر‬
                                                                                     ‫في رجل السرير‪،‬‬
      ‫يؤكد حدث تجدد الكينونة الأنثوية كانعكاس‪ ،‬أو‬                                      ‫وحين أستيقظ‬
 ‫كصورة طيفية تتجاوز البنية الجسدية‪ ،‬أو تتجاوزها؛‬
  ‫ومن ثم تقاوم حالة التفكك بمدلولها الفيزيقي؛ ولهذا‬                            ‫أفتح معه تحقي ًقا قاس ًيا‬
                                                                     ‫عن قطة وجدتها تموء في أحلامي‪،‬‬
    ‫أشارت إلى النحاتين أمام فضاء المرآة السيميائي‬              ‫وسرب عصافير يختبئ تحت وسادتي»‪.‬‬
   ‫الذي صار تأوي ًل سرد ًّيا وظيفيًّا للوجود في خطاب‬
    ‫المتكلمة‪ ،‬ثم تؤكد المتكلمة حضورها الفيزيقي من‬                                            ‫(ص ‪)24‬‬
 ‫موقع المراقب اللامركزي للتحولات الفنية الاحتمالية‬      ‫تقيم الذات المتكلمة حوارية مع علامة الظل التي تقع‬

    ‫للكينونة‪ ،‬بوصفها قراءات مجازية أنثوية‪ ،‬أو حياة‬        ‫بين بنيتي الاتصال‪ ،‬والانفصال عن عالمها الداخلي؛‬
 ‫أخرى للصورة التي تولدت عن الوعي‪ ،‬ولكنها انفلتت‬         ‫وكأنه ينبع من مستويات اللاوعي التصويرية العميقة‪،‬‬
‫باتجاه فضاءات الانعكاس بوصفها مجالات للرؤية تقع‬
  ‫بين الذات‪ ،‬والآخر‪ ،‬وانبعاثات أطياف الفن‪ ،‬وتاريخه‬        ‫أو من تأثير الهو طب ًقا للتصور الفرويدي‪ ،‬بينما نراه‬
                                                            ‫مقتر ًنا بصور اللاوعي الانفصالية المقطعة الكثيفة‬
                               ‫فيما وراء المشهد‪.‬‬            ‫المتجاورة مثل العصافير المختبئة تحت الوسادة‪،‬‬
   ‫ثم تؤكد المتكلمة بلاغة بنية الاختفاء في تحولها‬           ‫ومواء القطة الحلمي السريع؛ فالظ ُّل يظل موضو ًعا‬
   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120   121