Page 123 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 123
نون النسوة 1 2 3
د .ناهد راحيل
الاعتراف بين الانفعال الذاتي
والدهاء التقني
في ديوان «قبلات مستعارة»
من ذاتية خطابه ،فقد ناسب ضمير الـ(أنا) -الذي منذ ما يقرب من نصف قرن طالعتنا الشاعرة
يميِّز خطاب البوح والاعتراف -القول الشعري الذي
والأكاديمية فيرونيكا فورست تومسون (- 1947
يهيمن عليه ضمير المتكلم في الأساس. )1975بمقولاتها عن موضوعية الشعر ،ور ْفض
فالتخييل بالذات –بتحديد فيليب لوجون -يؤ ِّكد النزعات الذاتية في الخطاب الشعري ،وما ُس ِّمي
على المشابهة التي تفضي في النهاية إلى التطابق،
حتى لو اختار الشعر إنكار هذا التطابق أو على حينها بشعر الاعتراف ،الذي تصفه باعتباره أقرب
الأقل اختار ألا يؤكده باستخدام الحيل الفنية مثل إلى «دراسة الحالة» ،وذلك في كتابها «الدهاء
المراوحة بين الضمائر أو استخدام الأقنعة أو
اللجوء إلى «النموذج» الشخصي ،وحين يكون الشعري ،نظرية في شعر القرن العشرين» ،الذي
المتل ِّقي هو الفضاء الذي يكتب داخله الخطاب عمدت فيه إلى دراسة العلاقة بين لغة الخبرة
الشعري –اعتما ًدا على مقولة موت المؤلف -فإنه
يع َمد إلى جمع المتشابهات بين الذات النصية الحياتية ولغة الشعر التي تخلق نظ ًما تخييلية بديلة
تتجاوز هذا الواقع اليومي.
والذات الشاعرة ليكشف عن التطابق.
ويبقى أن نشير إلى أن خطاب الاعتراف الشعري وتتساءل تومسون –متأثرة بالشكلانية الروسية-
قد وضع لنفسه مرتكزات تعبيرية ومعايير نوعية عن المواضعات الشكلية التي تجعل من القصيدة
قصيدة ،كما تأ َّثرت بمقالة رولان بارت عن «موت
تناسب شعريته القائمة على الفضاء البلاغي
-المتح ِّرر من التقليدية -الذي يستوعب الصور المؤلف» ،فضمير المتكلم لديها ليس إلا كائنًا
والاستعارات والتكثيف الدلالي ،وأتاحت نثريته تخييليًّا يختلف تمام الاختلاف عن الشاعر ذاته.
–في هذه الحالة -الاقتراب من الواقع في اللغة ومن هنا تؤ ِّكد تومسون على أهمية الجانب التقني،
والموضوعات والرؤى التشكيلية ،والبحث عن أو ما أسمته بالدهاء الإبداعي الذي من شأنه أن
شعرية خاصة به تتخذ من السردي والشعري يح ِّول الانفعال إلى شعر ،لذلك نجدها تميل إلى
نم ًطا للكتابة يتعامل مع السرد بوصفه مك ِّو ًنا حيو ًّيا فحص الحيل الشكلية للشاعر أكثر من الكشف عن
للنص. مضمون الشعر.
ويمكن أن نشير إلى ارتباط الكتابة النسائية بشكل وفي المقابل نجد من يعارض تلك النظرة؛ فهناك
عام بخطاب البوح والاعتراف؛ أو ما يس َّمى –رغم
عدد من الشعراء عمدوا إلى خطاب الاعتراف
وتم َّكنوا من الانتقال من نطاق الذات إلى إطار
الغيرية عبر التقاطع في المساحة الإنسانية
المشتركة بين الذوات ،كما أن أنوية الشعر تؤهل