Page 197 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 197

‫‪197‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫للدور الفلاني‪ ،‬التمثيل كما‬      ‫كعميد للأدب العربي‪ ،‬فبحث‬          ‫التمثيل‪« :‬يبدو لي أن الكثير‬
    ‫ترونه أنتم‪ ،‬يحمل محتوى‬           ‫عما يضحك أو يبكي العميد‪،‬‬          ‫من الممثلين لديهم مشكلة‬
   ‫الكذب والتزييف‪ ،‬وهذا ما لا‬                                      ‫تحريك أيديهم خلال التمثيل‪ ،‬لا‬
      ‫أرضاه لعملي أن يكون»‪.‬‬            ‫عن جوانبه الإنسانية‪ ،‬عن‬      ‫يدرون ما يفعلون لذلك تراهم‬
                                     ‫أحزانه وأحلامه الشخصية‪.‬‬       ‫يستخدمونها طوال الوقت فيما‬
      ‫في فيلم «زوجة رجل‬             ‫البحث عن الأبعاد النفسية‬        ‫لا يفيد‪ ،‬أو يتركونها مدلاة إلى‬
   ‫مهم» يؤدي أحمد زكي دور‬           ‫ومواطن الضعف والقوة في‬            ‫جوانبهم من غير فعل»‪ ،‬لكن‬
    ‫شخصية مكتوبة خصي ًصا‬                                            ‫يدي زكي النحيلتان‪ ،‬الباحثتان‬
    ‫للسينما‪ ،‬شخصية لا يوجد‬            ‫الشخصية هو النهج الذي‬         ‫دو ًما عن مستقر وملجأ عبرتا‬
 ‫مرجع حقيقي لها قبل تصوير‬             ‫اختاره أحمد زكي ليصقل‬         ‫بمهارة عن التخبط في الظلام‬
‫الفيلم‪ ،‬ولكنه كعادته يبحث عن‬         ‫موهبته‪ ،‬فالموهبة وحدها لا‬
   ‫خلفيات الشخصية‪ ،‬العوامل‬           ‫تكفي؛ وقد يكون هذا البحث‬                         ‫والحيرة‪.‬‬
‫التي شكلت سلوكها‪ ..‬فيتناقش‬              ‫وهذه القدرة على التقاط‬      ‫حينما تم اختيار أحمد زكي‬
                                  ‫التفاصيل الصغيرة والمعايشة‬
      ‫مع السيناريست رؤوف‬                                               ‫لتأدية دور طه حسين في‬
   ‫توفيق حول طفولته‪ ،‬مرحلة‬                        ‫هي الموهبة‪.‬‬         ‫مسلسل الأيام‪ ،‬كان الجميع‬
 ‫دراسته بكلية الشرطة‪ ،‬تساهم‬        ‫وما يقوم به أحمد زكي هو‬            ‫ضده‪ .‬وسخروا من اختياره‬
   ‫هذه التفاصيل في بناء هذه‬
    ‫الشخصية الهستيرية التي‬            ‫ما حدده المخرج الروسي‬             ‫كونه مختل ًفا في السمات‬
  ‫توحدت مع السلطة‪ ،‬مما أدى‬           ‫قسطنطين ستانسلافسكي‪،‬‬           ‫الشكلية ولون البشرة عن طه‬
  ‫لعدم اتزانها النفسي‪ ،‬وعندما‬     ‫أحد مؤسسي المسرح الحديث‪،‬‬           ‫حسين‪ ،‬حتى أفراد عائلة طه‬
‫تم إبعاده من منصبه‪ ،‬كان كمن‬           ‫والذي ابتكر أسلوب الأداء‬
  ‫حكم عليه بالموت‪ .‬واستطاع‬        ‫الصادق عن طريق جعل ممثليه‬            ‫حسين ومن بينهم الدكتور‬
    ‫زكي أن يجسد نظرة عينيه‬                                              ‫محمد حسن الزيات وزير‬
    ‫المستريبتين دائ ًما‪ ،‬صوته‬           ‫يدرسون الحياة الداخلية‬       ‫خارجية مصر الأسبق وزوج‬
 ‫المحمل بالاتهام لكل من حوله‬       ‫للشخوص كما لو كانوا أنا ًسا‬          ‫أمينة طه حسين‪ ،‬رأوا فيه‬
   ‫حتى لزوجته التي أصبحت‬                                                ‫اختيا ًرا غير مناسب‪ .‬ومع‬
    ‫الكائن الوحيد الذي يشعره‬                         ‫حقيقيين‪.‬‬       ‫ذلك طلب أحمد زكي أن يلتقي‬
   ‫بالحياة من خلال ممارسته‬          ‫وقد قسم ستانسلافسكي‬            ‫بالزيات‪ ،‬كي يستعين بما يعرفه‬
                                                                     ‫في مرحلة التجسيد النفسي‪،‬‬
               ‫للسلطة عليها‪.‬‬            ‫مراحل العمل على الدور‬           ‫وكان السؤال الذي طرحه‬
    ‫وفي فيلم ناصر ‪ ،56‬لم‬                ‫بالأدوار الأربعة التالية‪:‬‬      ‫الممثل على الصهر‪ ،‬وجعل‬
‫يكتف بمشاهدة صور ومقاطع‬           ‫‪ -1‬المعرفة‪ :‬لتفاصيل الدور‪.‬‬          ‫الزيات يبارك اختياره‪ ،‬كيف‬
‫قديمة لعبد الناصر‪ ،‬لكنه حصل‬                                           ‫كان يضحك طه وكيف كان‬
 ‫على نظرته من معرفته لطبيعة‬               ‫‪ -2‬المعايشة‪ :‬لتلك‬
                                                    ‫التفاصيل‪.‬‬                           ‫يبكي؟‬
      ‫الطفل اليتيم الذي يجلس‬                                          ‫على أحمد زكي أن يكون‬
     ‫صامتًا متأم ًل‪ ،‬محاو ًل ألا‬            ‫‪ -3‬التجسيد لها‪:‬‬           ‫مستع ًّدا لبذل جهد مضاعف‬
‫يكون عبئًا على أحد‪ ،‬هل يحتاج‬                       ‫(التفاصيل)‬       ‫لإزالة أثر الانطباع الأول‪ ،‬عليه‬
‫أحمد زكي أن يقلد عبد الناصر؟‬                                          ‫أن يثبت دو ًما أنه كفء‪ ،‬فلا‬
  ‫لا‪ .‬فيكفيه أن يستدعي نفسه‬           ‫‪ -4‬التأثير‪ :‬على الممثل‬           ‫شيء يأتي في يسر سوى‬
  ‫وذكرياته القديمة ليدرك سر‬          ‫والمتفرج م ًعا كل من مكانه‪.‬‬    ‫الألم والحزن‪ .‬وقد كان يدرك‬
                                                                      ‫أنه سيؤدي دور طه حسين‬
           ‫نظرة عبد الناصر‪.‬‬           ‫يتعرف أحمد زكي على‬              ‫كإنسان قبل أن يؤدي دوره‬
                                     ‫شخصياته ويعايشها سواء‬
                                      ‫كانت حقيقية أو متخيلة ثم‬
                                     ‫يجسدها‪ ..‬لذا يرفض إطلا ًقا‬
                                    ‫القول إنه يمثل‪« :‬أنا يا سادة‬
                                     ‫لا أقوم بالتمثيل‪ ،‬اتفاقي مع‬
                                     ‫الجمهور ينص على تقمص‬
   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201   202