Page 199 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 199

‫في فيلم ناصر ‪ ،56‬لم يكتف بمشاهدة‬                                     ‫الشارع فقط‪ ،‬بل أي ًضا التي‬
                                                                   ‫تتحدث عن إنسان الحاضر بكل‬
 ‫صور ومقاطع قديمة لعبد الناصر‪ ،‬لكنه‬
 ‫حصل على نظرته من معرفته لطبيعة‬                                        ‫مشاكله وأفكاره ودواخله‪.‬‬
‫الطفل اليتيم الذي يجلس صامًتا متأمًل‪،‬‬                                  ‫مثل أحمد زكي ببشرته‬

      ‫محاوًل ألا يكون عبًئا على أحد‪ ،‬هل‬                                  ‫السمراء وشعره الأجعد‬
  ‫يحتاج أحمد زكي أن يقلد عبد الناصر؟‬                                 ‫وعينيه المجهدتين الحزينتين‬
‫لا‪ .‬فيكفيه أن يستدعي نفسه وذكرياته‬                                    ‫وملامحه البعيدة عن الشكل‬
                                                                   ‫التقليدي للوسامة والقريبة إلى‬
    ‫القديمة ليدرك سر نظرة عبد الناصر‪.‬‬                                ‫الشخصية المصرية العادية‪،‬‬
                                                                    ‫المفتاح لهذا الجيل‪ ،‬فهو الحلم‬
        ‫مع السنين تضخم‬           ‫زكي كل العوامل التي ساعدته‬
  ‫إحساس أحمد زكي بموهبته‬         ‫على النجاح وحملت أي ًضا كل‬             ‫الذي يتجسد أمامهم كلما‬
                                                                   ‫داعبتهم شخصية درامية‪ ،‬كلما‬
    ‫وأن المخرجين والمنتجين‬         ‫مسببات إحباطاته وإخفاقه‪،‬‬
 ‫يجرون خلفه‪ ،‬فظهرت أحاديثة‬          ‫ساهمت شخصيته المركبة‬               ‫أرادوا تقديم نموذج عادي‬
                                   ‫غير المنبسطة في حالة عدم‬        ‫لأشخاص عاديين يقابلهم المرء‬
        ‫الصحفية في السنوات‬           ‫الاستقرار والتوتر والقلق‬
   ‫الأخيرة‪ ،‬وخاصة مع الكاتب‬      ‫الدائم‪ ،‬وعدم رضا عن النفس‪،‬‬          ‫ويتعامل معهم كل يوم‪ ،‬بدأت‬
  ‫محمود سعد‪ ،‬مليئة بالغضب‬       ‫فبدت شخصيته أحيا ًنا ملتبسة‪،‬‬        ‫علاقة محمد خان وأحمد زكي‬
 ‫والشكوى والصراخ‪ ،‬يريد من‬          ‫هجومية‪ ،‬شكاكة‪ ،‬وظهر في‬          ‫عام ‪ 1981‬واستمرت حتى عام‬
    ‫صناع السينما أن يسمعوه‬       ‫سلوكه الاجتماعي أحيانا ميا ًل‬
   ‫وأن يحبوه ويقبلوا تدخلاته‬                                          ‫‪ ،2001‬قدما خلالها ‪ 6‬أفلام‬
 ‫في أفلامه‪ ..‬هذه التدخلات في‬                  ‫للعزلة والكآبة‪.‬‬         ‫فقط هي‪ :‬طائر على الطريق‪،‬‬
  ‫العملية الإخراجية كانت سببًا‬   ‫إحساس زكي بموهبته كان‬              ‫موعد على العشاء‪ ،‬أحلام هند‬
 ‫في خلافاته مع الطيب وخان‪،‬‬                                             ‫وكاميليا‪ ،‬زوجة رجل مهم‪،‬‬
  ‫ففي فيلم ضد الحكومة طلب‬          ‫طاغيًا مما تسبب في تعثره‪،‬‬         ‫مستر كاراتيه‪ ،‬أيام السادات‪.‬‬
‫زكي من الطيب أن يأخذ مشهد‬            ‫سواء في بداياته أو خلال‬       ‫رحلة اكتشاف عاطف الطيب‬
                                                                     ‫لأحمد زكي بدأت عام ‪1984‬‬
     ‫المرافعة النهائية في فيلم‬     ‫رحلته الفنية‪ ،‬فقد رسب في‬           ‫في فيلم التخشيبة‪ ،‬البريء‪،‬‬
   ‫بطريقة اللقطة الكاملة‪ ،‬وذلك‬   ‫اختبارات دخول معهد الفنون‬         ‫الحب فوق هضبة الهرم ‪،1986‬‬
 ‫خلا ًفا لرؤية المخرج الذي قام‬     ‫المسرحية مرتين ونجح في‬            ‫وبعد غياب استمر ‪ 5‬سنوات‬
‫بتقطيع المشهد إلى لقطات عدة‪،‬‬      ‫المرة الثالثة‪ ،‬لأنه كلما ح َّضر‬
   ‫مما أرهق زكي في التصوير‬                                              ‫عادا ليقدما معا «الهروب»‬
 ‫كثي ًرا‪ .‬وعندما أراد أحمد زكي‬      ‫نفسه واستعد وجد أعضاء‬               ‫‪ ،1991‬ثم «ضد الحكومة»‬
‫إعادة لقطة بعد أن صاح الطيب‪،‬‬       ‫اللجنة يتحدثون مع بعضهم‬          ‫‪ .1995‬ومع داوود عبد السيد‬
   ‫اطبع‪ ،‬فرفض الطيب وصاح‬        ‫البعض فيغتاظ ويتضايق‪ ،‬فهو‬               ‫قدم أرض الخوف ‪.1999‬‬
                                   ‫لديه إحساس بأن ما يقدمه‬          ‫تغير المخرجين واكبه تغير‬
        ‫فركش وترك البلاتوه‪.‬‬      ‫مهم ويجب عليهم أن ينصتوا‬             ‫نوعية جمهور السينما الذي‬
  ‫ومع خان لم يتم مشروع‬                                              ‫أصبحت غالبيته من الكادحين‪،‬‬
                                      ‫له‪ ،‬مما يصيبه بالإحباط‬        ‫الذين يرون أنفسهم في أحمد‬
                                ‫بالارتباك‪ .‬فلايؤدي كما ينبغي‪.‬‬         ‫زكي‪ ،‬الفتى الأسمر الذي لا‬
                                                                     ‫يعتني بملبسه ولا يذهب إلى‬
                                                                     ‫الكوافير لفرد شعره الأشعث‬
                                                                    ‫المجعد‪ .‬حملت شخصية أحمد‬
   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204