Page 225 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 225

‫‪225‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫تضيق به ال ُّس ُبل‪ ،‬ويتركنا‬      ‫التي يريدها‪ ،‬فعندما يقرر قتله‬           ‫والتش ُّكك‪ ،‬ولكن سنعطي هنا‬
     ‫«داود» حائرين بين قدرة‬           ‫نجد أن الوجه المصدوم سل ًفا‬            ‫اهتما ًما خا ًّصا بالصراع بين‬
     ‫الإنسان على حمل الخير‬           ‫تح َّول إلى وج ٍه ملي ٍء بالغضب‬
    ‫والشر م ًعا‪ ،‬وإلى أي مدى‬          ‫والرغبة في الانتقام‪ ،‬ومن ُهنا‬            ‫الظابط «يحيى المنقبادي»‬
    ‫تضيع هو َّية الشخص بين‬             ‫–كما قال– تح َّول الواد يحيى‬          ‫والمعلِّم «يحيى أبو دبورة»‪.‬‬
‫صراعاته‪ ،‬واستطاع أحمد زكي‬            ‫أبو دبورة إلى المعلِّم يحيى أبو‬         ‫َيت ُرك المنقبادي عمله بعد‬
   ‫بذكائه وقدرته على دراسة‬                                                 ‫ارتكابه خطيئة وهميَّة وسجنه‬
    ‫الشخصية وصراعاتها أن‬                                  ‫دبورة‪.‬‬             ‫لقبول الرشوة‪ ،‬ويذهب تحت‬
‫ينقل لنا ما يدور بعقل «داود»‪،‬‬            ‫مع هذا التحول سيزداد‬               ‫اسم «آدم» إلى العالم السفلي‬
 ‫ويرتدي الشخصيَّة كما يجب‬                ‫الصراع ويظل يفصل بين‬
                                                                                  ‫ليتعايش معه بدون أي‬
       ‫أن تكون في كل حالة‪.‬‬                  ‫الشخصيتين والعالمين‬              ‫ُمساعدة من أحد‪ ،‬فهو وحده‬
                                       ‫«آدم»‪ ،‬يستطيع ال ُمشا ِهد أن‬         ‫ُهناك مسئول عن أفعاله‪ ،‬لتبدأ‬
         ‫أسطورة تمثيل‬                   ‫يلمس بنفسه علامات القلق‬            ‫رحلة صراع نفسية عميقة بين‬

  ‫الحديث عن النمر الأسود‬                 ‫والثِ َقل الذي تركته ال ُمه َّمة‬          ‫عالمه القديم والجديد‪.‬‬
 ‫يطول‪ ،‬فهو يحترم الشخصية‬                ‫في نفس البطل نتيجة لذلك‬                ‫وتعد شخصية «يحيى‪/‬‬
 ‫التي سيؤديها و ُيعيد تفصيلها‬          ‫الصراع‪ ،‬حتى ينتقل من تلك‬
 ‫ليستطيع أن ُيج ِّسدها‪ ،‬يدرس‬          ‫الحالة حينما ُيقاب ِل ال ُمهندسة‬          ‫آدم» في «أرض الخوف»‬
                                        ‫«فريدة»‪ ،‬فمعها يت ُرك أرض‬                 ‫من أكثر الأفلام نض ًجا‬
     ‫مميزاتها وعيوبها وكيف‬           ‫الخوف التي ُز ِرع فيها ويذهب‬
   ‫تنعكس مبادئها على أفعالها‬                                                  ‫للإمبراطور الأسمر‪ ،‬فأبدع‬
 ‫وردود أفعالها بشكل منطقي‪،‬‬                 ‫للحظات إلى أرض مليئة‬             ‫في أدق تفاصيلها وفي انتقاله‬
  ‫و ُيب ِدع فيها فينقل الشخصية‬         ‫بالأمان‪ ،‬يرغب في أن يتمدد‬
                                     ‫عليها ويشا ِرك أسراره و ُيزيح‬            ‫بين الحالات النفسية حسب‬
      ‫إلى ُبعد آخر حيث تكون‬          ‫همومه ويظهر ذلك في علامات‬                 ‫المواقف التي يتعرض لها‪،‬‬
     ‫حقيقيَّة كفا َّية كما تخيَّلها‬                                        ‫فبعد عرض ال ُمه َّمة عليها نجده‬
‫وكتبها السيناريست وشاهدها‬                  ‫الراحة التي ترتسم على‬               ‫يهتم بالحالة النفسيَّة التي‬
 ‫ال ُمخ ِرج‪ ،‬ويشعر بها ال ُمشا ِهد‬      ‫وجهه‪ ،‬وغرقه في النوم في‬             ‫يمر بها كضابط مضطرب في‬
      ‫ويتعلَّق بها‪ ،‬أعود وأدقق‬                                                ‫قراره‪ ،‬فهو يعاني من الأرق‬
  ‫النظر مرة أخرى في صورة‬                       ‫مكتبها بكل سهولة‪.‬‬           ‫لكثرة التفكير‪ ،‬وحينما يتع َّرض‬
 ‫المشخ َّصاتي الأسمر الذي لم‬             ‫َمن الذي انتصر؟ سؤال‬                 ‫كحارس الراقصة لرصاص‬
‫ولن يتك َّرر واستطاع أن ُيو ِجد‬                                              ‫على يد أحد تجار المخدرات‬
   ‫لنفسه مكا ًنا وسط الأجيال‬               ‫دون إجابة‪ ،‬فيحيى «أبو‬           ‫بعد أن رفض أن يأخذها الرجل‬
      ‫السابقة والقا ِدمة وأقول‬           ‫دبورة» الذي وجد في قتل‬               ‫ُعنوة‪ ،‬نجد علامات الصدمة‬
                                      ‫المعلِّم «بسيوني» راحة كبيرة‬         ‫والتوتر والضغينة ترتسم على‬
             ‫لصديقي البعيد‪:‬‬            ‫هو «المنقبادي» الذي رفض‬               ‫وجهه‪ ،‬فهو يتصبَّب عر ًقا من‬
‫«يا أحمد‪ ..‬أنت في م َّرة قلت‬          ‫قتل زميله «عمر الأسيوطي»‪،‬‬            ‫هول الصدمة‪ ،‬ولا يكتفي بذلك‬
‫أنا منتظر اللحظة اللي الجمهور‬                                               ‫بل نجده حري ًصا أن يظل بعد‬
                                           ‫وهو الضابط الذي أخذه‬               ‫العديد من المشا ِهد ُمحا ِف ًظا‬
  ‫يقول فيها الله ين َّور يا أحمد‪،‬‬        ‫الحنين إلى أرض الخوف‪،‬‬                ‫على سيره بشكل غير سليم‬
  ‫بس الحقيقة إنها مش لحظة‬                ‫والرجل الذي أقام صداقه‬                ‫نتيجة تلك الرصاصة‪ ،‬تلك‬
  ‫وراحت لحالها مع فيلم واللا‬             ‫مع «المعلِّم ُهد ُهد»‪ ،‬فبرغم‬          ‫العلامات التي تتغيَّر عندما‬
‫اتنين‪ ،‬إحنا لسه بنقول ده لحد‬             ‫أن الثاني في نظر القانون‬              ‫ُيقرر الانفراد بذلك الرجل‬
                                      ‫والمجتمع ُمج ِرم إلا أن الأ َّول‬         ‫ليأخذ حقه و ُيحقق السمعة‬
                   ‫النهارده»‬            ‫ُينقذه حينما يتع َّرض لموت‬
                                          ‫محتوم‪ ،‬ويلجأ إليه حينما‬
   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230