Page 229 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 229

‫في مسرحية «مدرسة المشاغبين»‬                                        ‫بسوء السلوك بد ًل من زميل‬
                                                                  ‫آخر؛ فيصرخ معبِّ ًرا عن مدى‬
      ‫يعرض أحمد زكي دور «أحمد‬
                                                                      ‫الظلم حوله المتج ِّسد في‬
  ‫الشاعر» الذي يق ِّدم نو ًعا آخر من‬                              ‫أصدقائه‪ ،‬مدرسته ومجتمعه‪.‬‬
‫التمُّرد؛ فهو أكثر هدو ًءا‪ ،‬ذو بشرة‬
                                                                       ‫بالعودة إلى «رانسيير»‪،‬‬
      ‫سمراء وقمي ٍص أبيض واسع‬                                         ‫فإن شخصية مثل «أحمد‬
    ‫ليذ ِّكر بسياسة «المقاومة عبر‬                                  ‫الشاعر» تعكس جانبًا رئي ًسا‬
                                                                   ‫من سياسة المثقفين تفتقدها‬
                  ‫الضعف والبراءة»‬                                     ‫الجماعة المتم ِّردة‪ :‬تح ُّرر‬
                                                                     ‫الذات عبر التم ُّرس‪ ،‬فقد لا‬
 ‫الاستهلاك‪ ،‬والمراقبة الذاتية‬       ‫الحالمة وخياله الرومانسي‪.‬‬       ‫تكون صرخاته معتر ًفا بها‬
 ‫لصحتهم الجسدية والعقلية‪،‬‬               ‫في هذه الأغنية يشارك‬         ‫مؤسسيًّا‪ ،‬وربما لا تلاقي‬
‫وممارسة الرياضة في جميع‬                                             ‫شعاراته الماركسية ص ًدى‬
                                      ‫كل طالب الآنسة عفت في‬
    ‫نواحي المعيشة‪ .‬وعندما‬             ‫الرقص والغناء‪ .‬وتستبدل‬            ‫لدى زملائه‪ ،‬لكن ُيظهر‬
      ‫وصلت ناظر المدرسة‬              ‫الآنسة عفت فستانها لأول‬          ‫«أحمد» رغبة واضحة في‬
                                    ‫مرة بفستان مبهج في خيال‬          ‫تغيير التركيب الاجتماعي‬
‫شائعات أن محاضراته تحمل‬                                             ‫من خلال تأكيد مكانه فيه‪.‬‬
 ‫فك ًرا «يسار ًّيا» أو «شيوعيًّا»‬                     ‫«أحمد»‪.‬‬       ‫فتنحني العصا قلي ًل مع كل‬
                                                                      ‫صمت حزين‪ ،‬أو صرخة‬
     ‫انتهى الأمر بطرده‪ .‬يتم‬         ‫ثان ًيا‪ :‬المثقف المتسلِّل‬        ‫احتجاج‪ .‬وستو ِّضح أدوار‬
    ‫الضغط عليه للانتقال إلى‬                                        ‫«أحمد زكي» فيما بعد تم ُّكن‬
‫الأحياء الصغيرة والعيش في‬                   ‫مثال أوضح على‬            ‫صورته لدى المشاهد من‬
 ‫«غرفة السطوح» التي يشاع‬                ‫شخصية مح َبطة بسبب‬         ‫اجتياز تلك العقبة في أعما ٍل‬
                                    ‫الجهود القسرية على إجبار‬          ‫أخرى سواء عبر ال ُخطب‬
      ‫أنها مسكونة بالأرواح‪.‬‬             ‫الذات للقيام بدور شبيه‬     ‫الرئاسية واللهجات المحلية‪،‬‬
‫يكتشف « ُمستطاع» القدرة‬             ‫بالعصا‪ ،‬تظهر في شخصية‬          ‫والمصطلحات المهنية نزو ًل‬
                                   ‫« ُمستطاع» (بمعنى «قادر» أو‬
  ‫على التر ُّبح إذا أعاد تغليف‬      ‫«يمكن القيام به»)‪ ،‬التي من‬                ‫إلى لغة الشارع‪.‬‬
‫ثقافته الفلسفية بغطاء ال ِعرافة‬      ‫خلالها يدخل «أحمد زكي»‬       ‫بصمود تمر ُّده الهادئ ومع‬
 ‫والإيحاء‪ ،‬فيتر َّبح من جيرانه‬        ‫إطار معلم الفلسفة وطالب‬
                                     ‫الدكتوراه في فيلم «البيضة‬       ‫بضع لحظات أعلى غضبًا‪،‬‬
    ‫العمال وربات البيوت من‬             ‫والحجر» (‪ .)1990‬يظهر‬          ‫ُيع ِّزز أحمد زكي أو «أحمد‬
  ‫الطبقة العاملة وزملائه من‬          ‫« ُمستطاع» في بداية الفيلم‬   ‫الشاعر» مكانته عبر المسرح‬
   ‫السكان المحليين العاطلين‬           ‫مد ِّر ًسا في مدرسة ثانوية‬      ‫والشاشة‪ .‬على الرغم من‬
                                     ‫حكومية‪ ،‬يو ِّجه الطلاب من‬      ‫أ َّن التسمية الميلودرامية لـ‬
     ‫عن العمل‪ ،‬وهو جمهور‬             ‫خلال محاضراته الفلسفية‬        ‫«وضعه المختلف» تستجلب‬
‫طازج جديد‪ .‬ومن ث َّم‪ ،‬يصبح‬              ‫المليئة بالحيوية لتقنين‬   ‫تعاطف الجمهور وتدعوه إلى‬
                                    ‫طعامهم وتج ُّنب الإفراط في‬       ‫مشاركة واقعه الاجتماعي‬
    ‫هذا الجمهور مرب ًحا بقدر‬                                         ‫والاقتصادي الأليم‪ ،‬تدعو‬
      ‫ما يستطيع « ُمستطاع»‬                                           ‫الأغنية في آخر المسرحية‬
     ‫أن يترجم ما يعرفه إلى‬                                        ‫الجمهور للعيش داخل هويته‬
       ‫مصطلحات روحانية‪.‬‬

    ‫في نهاية المطاف‪ ،‬يو ِّسع‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234