Page 233 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 233

‫تعرض أفلام زكي لأساليب‬                                      ‫العسكري في قمعه العنيف‬
  ‫الإرادة والمقاومة عبر تركيبات‬                                              ‫للمنش ِّقين عنه‪.‬‬
  ‫إيحائية؛ تشتمل تلك الأساليب‬
                                                                          ‫ثال ًثا‪ :‬الهاوية‬
     ‫على وسائل ثلاث للمقاومة‪:‬‬                                           ‫والإطار المفقود‬
‫استغلال لغة سلطة الدولة لس ِّد‬
                                                                  ‫لا شك أ َّن هناك ضرورة‬
    ‫الاحتدام مع السلطة ذاتها‪،‬‬                                       ‫لاستكمال إطار التسلسل‬
  ‫توظيف الصمت كاستراتيجية‬                                           ‫الزمني لأدوار أحمد زكي‬

     ‫والتواصل عبر إيماءات «غير‬                                   ‫السياسية‪ ،‬ورصد التحولات‬
           ‫مباشرة» مع الجمهور‬                                   ‫التي مرت بها مسيرته كممثل‬
                                                                 ‫مصري وشخصية عامة في‬
  ‫عن الطعام‪ .‬المشهد التالي‪،‬‬         ‫ويتَّجه بوتيرة سريعة في‬     ‫ظل تطورات سياسية وقضايا‬
‫يتطلَّع أحمد إلى الأسرى وهم‬            ‫شاحنة إلى الصحراء‪.‬‬
                                                                     ‫الهوية الموازية تاريخيًّا‬
    ‫يبكون‪ ،‬ويسأل عن هوية‬            ‫داخل المعتقل‪ ،‬يصط ُّف‬       ‫لعمله الفني‪ ،‬باستثناء الأدوار‬
    ‫هؤلاء السجناء‪ ،‬فيقول له‬
  ‫قائده‪ُ « :‬دول أعداء الوطن»‪،‬‬    ‫السجناء أمام رجل عسكري‪،‬‬          ‫الواضحة مثل «ناصر ‪»56‬‬
 ‫فيتع َّجب كيف يتم إطعامهم‪،‬‬                                         ‫(‪ )1996‬و«أيام السادات»‬
   ‫ويسأل‪« :‬ليه ما نقتلهمش‬           ‫يو ِّجه المروحة نحو وجه‬
                                 ‫الرقيب‪ .‬قبل وصول «زكي»‪،‬‬                          ‫(‪.)2001‬‬
                ‫ونخلص؟»‪.‬‬                                              ‫في صحراء شاسعة‬
     ‫يجمع المل َّخص أعلاه‬            ‫يسقط رجل مض ِرب عن‬            ‫وشاحنة عسكرية صغيرة‬
    ‫الدقائق الست الأولى من‬
   ‫فيلم «البريء»‪ .‬إنها رمزية‬     ‫الطعام على الأرض‪ ،‬ثم يج ُّره‬           ‫تكبر تدريجيًّا‪ .‬داخل‬
    ‫غنية مع فواصل صغيرة‬               ‫جندي آخر على الأرض‬            ‫الشاحنة‪ُ ،‬ينقل المجنَّدون‬
   ‫من الحوار‪ ،‬حيث لا يمكن‬                                          ‫ال ُجدد إلى موقعهم الجديد‬
      ‫إلا أن تتخلَّلها امتدادات‬   ‫ويسحبه بعي ًدا‪ .‬بعد وصول‬        ‫في المعتقل؛ جندي واحد لا‬
   ‫بصرية عبر صليل الحديد‬            ‫«زكي»‪ ،‬يتأ َّكد الرقيب من‬      ‫يهدأ‪ ،‬يتح َّرك ذها ًبا وإيا ًبا‪،‬‬
 ‫في الأقدام المكبَّلة‪ ،‬أو طنين‬                                     ‫«أحمد سبع الليل الفولي»‪.‬‬
  ‫مح ِّرك شاحنة من بعيد‪ ،‬أو‬        ‫أن المجندين لا يستطيعون‬          ‫جاء للتو من قرية نشأته‬
  ‫صافرات الإنذار أو القطار‪،‬‬                                     ‫حيث يحادث الحمير والأبقار‪.‬‬
     ‫أو جسد سجين يصرخ‬                 ‫القراءة أو الكتابة‪ .‬يأمر‬    ‫يهينه صبية آخرون بصفته‬
  ‫من الألم‪ ،‬أو أطفال تضحك‬                                        ‫أحمق القرية ويقتلونه تقريبًا‬
    ‫في حفل عيد ميلاد‪ .‬يبدو‬         ‫الرقيب المجند «أحمد سبع‬          ‫بالكوكايين‪ ،‬على أنه ملح‪.‬‬
 ‫العقيد (محمود عبد العزيز)‬                                      ‫يمنع تلك الكارثة شاب آخر –‬
   ‫أ ًبا في أول ظهوره مرتد ًيا‬        ‫الليل» أن يصفع زميله‪،‬‬     ‫حسين‪ -‬يحمل كتا ًبا‪ ،‬ويخبره‬
                                   ‫فيفعل ذلك تنفي ًذا للأوامر‪.‬‬
                                                                       ‫عن الخدمة العسكرية‪:‬‬
                                    ‫ُتلقى أرغفة نصف مأكولة‬       ‫«هتخرج منها راجل جديد»‪.‬‬
                                   ‫على الأرض أمام السجناء‪،‬‬        ‫أحمد الجندي يشحذ الناي‪،‬‬

                                     ‫الذين ُيؤمرون بالانحناء‬        ‫ويستق ُّل القطار‪ُ ،‬يهيأ عبر‬
                                   ‫والأكل من الرمال الساخنة‬     ‫الاختبارات والتمارين الرتيبة‬

                                  ‫وأيديهم خلف ظهورهم‪ .‬هذا‬          ‫للخدمة العسكرية‪ ،‬وأخي ًرا‬
                                                                ‫يرتدي الزي البيج العسكري‪،‬‬
                                   ‫هو عشاء السجناء في يوم‬

                                  ‫حافل بشائعات عن إضراب‬
   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238