Page 230 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 230
العـدد ١٩ 230
يوليو ٢٠٢٠ « ُمستطاع» الع َّراف جمهوره
عندما يصبح وسي ًطا روحانيًّا
أكثر عندما يتم استدعاء لإرادته -عبر التلفزيون،
« ُمستطاع» بسيارة الشرطة وعبر المعلومات الدولية التي مع الأشباح والكواكب
والأموات ،حتى يشمل زبائنه
-التمثيل الأكثر مصداقية ُيعاد تجميعها وتوجيهها
لـ«العصا» في مصر بعد كنوع من الضبط والإخضاع، وزراء الدولة ،أصحاب
ثورة -1952لزيارة وزير الملايين ،نجوم الإعلام،
عسكري يطلب منه شفاء مما يؤدي إلى تع ُّمد بث والرئيس الأمريكي رونالد
ابنته المريضة ،فيهت ُّز بشدة الخرافات في عصر الحداثة
في مقعده .وبعد دقائق، والرأسمالية العالمية .العرافة ريجان!
شوهد « ُمستطاع» في سيارة لدى مستطاع عمل تجاري، ين ّظر «رانسيير» حول
شرطة أخرى كسجين ،ليس لا تهدف مطل ًقا لتحقيق شيء تعليم البروليتاريا أ َّن التح ُّرر
بسبب الكشف عن فعلته كـ حقيقي ،مثل لوحة إعلانية ليس فقط في ارتباط الخطاب
«د َّجال» ،ولكن لأ َّنه تلعثم تعرض زجاجة عطر بالقرب باللغة الأم ،ولكن لعلاقته بمن
بالكلمات حتى بدا متآم ًرا من صورة شاطئ لا نهاية يتسللون إليه بأفكار تخريبية
يلعب مع خصم الوزير .فيقرأ له ،فهذا الأخير مستحيل أن للمنطق التنويري .معنى
الآيات القرآنية التي تبيِّن اسم « ُمستطاع» هو من لديه
ضعف الإنسان أمام الغيب، ُيبتاع مع زجاجة العطر. القدرة على معرفة أكثر من
و ُيدلي باعتراف إثر اعتراف. خلافا لـ «أحمد الشاعر» المعرفة نفسها .ومع ذلك،
ويرجو « ُمستطاع» الضابط يظهر بوضوح أن مستطاع
أن يودعه السجن حتى يصل في «مدرسة المشاغبين» لا يدخل في مشروع تح ُّرري
إلى راحة البال ،التي يقصد -ذلك الذي يقف بعي ًدا للطبقة العاملة .مستعينًا
بها استعادة حالته الذاتية، بتم ُّرسه اللغوي ،أو ًل ،يقوم
أن يخرج خارج إطار دور عن المعلِّمين والمتمردين مستطاع في البداية بمساعدة
(العصا – العرافة) الذي لعبه مؤك ًدا على تحدي الفضاء جاره العاجز (باستخدام
طوي ًل ،يسترجع مستطاع العنصري -يرفض مستطاع التحليل النفسي التي يقوم
ذاتيته عن طريق تحويل الع َّراف الفيلسوف ورجل تغليفه بالناحية الروحية).
العصا العسكرية نحو جسده. الأعمال أن يكون منفص ًل ثانيًا ،لا يستغ ُّل « ُمستطاع»
تتح َّول المسحة الكوميدية ع َّما حوله من خلال لعب الظروف الحالية المشحونة
في الفيلم إلى ذعر نفسي لجيرانه الذين يتم تهميشهم،
عندما ينحرف « ُمستطاع» في الدور لملء الفراغ بينه ولكن يتم َّكن من خلالهم من
مسار عاطفي محبط مشبع وبين مجتمعه .فيتخلَّى عن الوصول إلى الأغنياء –الذين
بالذعر والرعب واليأس من أخلاقيات مهنته الرسمية كان يحاربهم في أول الأمر-
عدم معرفة نفسه .في الواقع، وأجره الضعيف مع الاحتفاظ بشك ٍل تدريجي ،مستغ ًّل
إن فيلم «البيضة والحجر» بقدرته في ممارسته المربحة
هو تعاون أحمد زكي الوحيد لبيع الكلام ،ومع ذلك تقف أي ًضا أساليب المعرفة
مع كاتب السيناريو محمود والعلاج للسيطرة عليهم.
أبو زيد والمخرج علي عبد ال ِعرافة كسلعة معرفية
الخالق؛ ذلك الفريق الذي بعي ًدا عن طريق الاختيار. لقد قام « ُمستطاع»
في المقابل ،يكافئ المجتمع باستبدال عصا بأخرى،
عاد ًة ما تعج أفلامهما مستطاع من خلال صعوده
بالشخصيات التي تتنافس درجات عمله الحر كع َّراف المسطرة بالإيحاء
يحمل عصا الإخضاع بعد والاستشعار عن بعد:
انتهاء الاستعمار وتم ُّكن فهو يضبط العا َّمة -وف ًقا
الرأسمالية العالمية.
تستقط ُب السلط ُة العراف َة
بشكل متع َّمد ،وهو ما يتَّضح