Page 228 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 228

‫العـدد ‪١٩‬‬                                 ‫‪228‬‬

                                    ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                          ‫والتواصل عبر إيماءات «غير‬
                                                                          ‫مباشرة» مع الجمهور‪ ،‬أو‬
  ‫ومع كل ذلك‪ ،‬يقف بعي ًدا‬           ‫الهيكل التقليدي لك ٍّل من قالب‬        ‫بافتراض وضعية الوقوف‬
‫عن المتم ِّردين الهزليين طال ٌب‬         ‫الفصل الدراسي والقالب‬              ‫ضد الإرادة السائدة على‬
‫طويل هادئ وحزين‪ ،‬يتأر َجح‬               ‫المسرحي‪ .‬طريقة واحدة‬                 ‫الرغم من الوقوع تحت‬
                                       ‫لوصف هؤلاء الطلاب ذي‬                ‫رحمتها‪ ،‬مخلِّ ًفا المخاطرة‬
   ‫بين موقفين؛ فير ِّدد أحيا ًنا‬                                                      ‫حتى الموت‪.‬‬
   ‫كلمات الغضب والانتصار‬            ‫الفوضى المحسوبة (المخطط‬
                                          ‫لها)‪ ،‬ألا وهي‪ :‬العبقرية‬      ‫أو ًل‪ :‬المثقف الذي يثني‬
     ‫للأخلاق‪ ،‬وأحيا ًنا يدعم‬                          ‫المتم ِّردة‪.‬‬               ‫عصا التأديب‬
   ‫زملاءه بروح دعابة‪ .‬ومن‬
  ‫ث َّم‪ ،‬ففي الثلثين الأولين من‬        ‫هناك مشهد حيث ُتل ِّوح‬          ‫يرى البروفيسور الأمريكي‬
  ‫المسرحية‪ ،‬يرفض «أحمد»‬                 ‫الآنسة عفت بمسطرة في‬                ‫دبليو‪ .‬تي‪ .‬ميتشيل عند‬
   ‫الضحك أو إثارة الضحك‪،‬‬                                                     ‫دراسة وسائل الإعلام‬
   ‫ويقاوم النكات القليلة التي‬             ‫وجه زعيم تلك العصبة‬                ‫المرئية‪ ،‬أن هناك علاقة‬
   ‫يطلقها الآخرون عليه‪ .‬هو‬          ‫«بهجت» (عادل إمام)‪ ،‬مه ِّدد ًة‬
    ‫قليل الكلام ولكنَّه شاعر؛‬        ‫إياه بقطع لسانه‪ .‬في إشارة‬         ‫تبا ُدلية بين المك ِّونات المرئية‬
    ‫يبحث عنه زملاؤه لكتابة‬          ‫إلى التربية النفعية لدى جون‬          ‫والمكونات الاجتماعية لدى‬
‫رسائل الحب نيابة عنهم‪ ،‬في‬                                                   ‫الفرد والتي بذاتها تعيد‬
 ‫مقابل بعض وجبات العشاء‬                  ‫ميل‪ ،‬فإ َّن «العصا» تمثل‬            ‫التساؤلات حول ما هو‬
    ‫أو ملابس جديدة‪ .‬تفاجأ‬              ‫مجا ًزا ممارسات التدريس‬             ‫راسخ لدى المشاهد‪ .‬في‬
‫الآنسة عفت بأن هذا الشاعر‬            ‫المقصود منها كسر الإرادة‪،‬‬
                                                                       ‫المسرحية الكوميدية «مدرسة‬
      ‫يفشل في دروس اللغة‬                   ‫وتقويم سلوك الطلاب‬            ‫المشاغبين» (‪ ،)1971‬يلعب‬
‫العربية وتعتمد عليه كحصن‬              ‫معنو ًّيا وعاطفيًّا‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬           ‫عنصر «الطالب» دو ًرا‬
‫أخير داخل مدرسة «الأخلاق‬                                                 ‫مه ًّما في التشكيل البصري‬
‫الحميدة»‪ .‬يعامله المشاغبون‬                ‫تؤ ِّكد الآنسة عفت على‬             ‫للمفاهيم المتغيرة حول‬
 ‫على أنه فرد منهم‪ ،‬وهو يرد‬             ‫صرامة العصا‪ ،‬وتستخدم‬
                                       ‫كلمة شعبية لـ «اللوزتين»‬        ‫القومية فيما يتعلق بالتو ُّقعات‬
  ‫على ذلك برفض الانضمام‬             ‫–«لغاليغ»‪ -‬للإشارة إلى قطع‬            ‫التربوية بعد ثورة ‪.1952‬‬
     ‫إليهم بقوله «أنا وضعي‬           ‫اللسان من قاعدته‪ ،‬في أقرب‬               ‫فتبدأ المسرحية بهدف‬
                                        ‫صورة مرئية للكلمة‪ .‬هذا‬
 ‫مختلف»‪ .‬يعرض أحمد زكي‬                ‫الانزلاق العاطفي بعي ًدا عن‬      ‫إصلاح مجموعة مشاغبة من‬
   ‫دور «أحمد الشاعر» الذي‬           ‫اللغة العربية الرسميَّة من قبل‬         ‫خمسة طلاب في المرحلة‬
  ‫يق ِّدم نو ًعا آخر من التم ُّرد؛‬    ‫ال ُمعلم لا يم ُّر مرور الكرام‪.‬‬       ‫الثانوية‪ ،‬وتنتهي بالفعل‬
  ‫فهو أكثر هدو ًءا‪ ،‬ذو بشرة‬           ‫يستخدمه «بهجت» كسلاح‬                  ‫بتحقيق هذا الهدف على‬
                                     ‫ارتجالي في يده ليملأ الفراغ‬         ‫يد معلمة الفلسفة الجديدة‪،‬‬
‫سمراء وقمي ٍص أبيض واسع‬             ‫بينهما‪ :‬الطالب والمعلم؛ فيعيد‬           ‫الآنسة عفت عبد الكريم‬
    ‫ليذ ِّكر بسياسة «المقاومة‬       ‫الكلمة مرة تلو الأخرى‪ ،‬بينما‬
                                      ‫يصرخ الجمهور بالضحك‪.‬‬               ‫(سهير البابلي)‪ .‬فعلى مدى‬
 ‫عبر الضعف والبراءة»‪ .‬لكن‬              ‫وبهذا المعنى‪ ،‬فإن الطلاب‬            ‫فصول المسرحية‪ ،‬وعبر‬
 ‫ينفجر أحمد الشاعر بصوت‬               ‫الفاشلين في المسرحية هم‬
 ‫عا ٍل مرتين على الأقل خلال‬          ‫أي ًضا عا َّم ًة مثقفون ممتازون‬      ‫ساعات من النكات الفورية‬
 ‫هذه المسرحية‪ :‬مرة واحدة‬               ‫–منهم الشاعر والموسيقار‬              ‫وطعنات متق ِّطعة للنظام‬
 ‫بغضب ومرة أخرى بأغنية‪.‬‬                ‫والب َّحار‪ -‬يرفضون تقويم‬            ‫التعليمي الحكومي‪ ،‬تف ِّكك‬
                                      ‫العصا ويطالبون بالمساواة‬
       ‫في نوبة غضب في‬                                                    ‫السخرية وال ُخطط المرتجلة‬
 ‫منتصف المسرحية‪ ،‬يصرخ‬                                 ‫الخطابية‪.‬‬
‫أحمد بصوت عا ٍل بعد اتهامه‬
   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233