Page 27 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 27
وجد الدكتور عمرو شريف
أن هناك علاقة وثقى بين الثورة تكون سائر الأعضاء على أنها
العلمية التي شهدها العالم في أعضاء أنثى .فإ ْن حصلت فيه
القوة التي تعطي الصورة تكون
مطلع القرن التاسع عشر وبين سائر الأعضاء على أنها أعضاء
ذكر .وتحصل من تلك الأعضاء
التنوير الفلسفي
المولدة التي للأنثى وتحصل
الذي نقل الفلسفة إلى ميادين من هذه الأعضاء المولدة التي
للذكر ثم سائر القوى النفسانية
حداثية جديدة
الباقية تحدث في الأنثى على
عمرو شريف مثال ما هي في الذكر»(.)17
وفي كتابه (رحلة عقل) ،)20حاول أخذ القارئ في وف َّصل الفارابي كثي ًرا في
رحلة سياحية في العقل Mind Theومدارات الفكر ق َّوتي الأنثى والذكر ،وهو وإن لم يع ِط الأولوية
للأنثى لكنه أقر ضمنيًّا بأن القوة الأنثوية تامة،
Thinkingمعتم ًدا البرهنة العقلية على المنظومة وهي أسبق في اقترانها بالقوة الذكرية التي هي
الشفرية coding systemللكون والإنسان .ويؤكد ناقصة .وهذه النظرية تنطبق على سائر الكائنات،
شريف أنه في الوقت الذي كان للعلم أثر سلبي على فقال« :وهاتان الق َّوتان أعني الذكرية والأنثوية هما
الدين ،فإن ثورة العلم هي التي أحدثت ثورة الفلسفة. في الإنسان مفترقتان في شخصين ،وأما في كثير
وعن هذه المفارقة يقول« :إن الثورة العلمية كان لها من النبات فإنهما مقترنتان على التحام في شخص
واحد مثل كثير من النبات الذي يتكون عن البذر ،فإن بالفعل أثر مدمر على الدين إذ أعقبتها مباشرة نزعة
شكية إلحادية كبرى جعلت من القرن الثامن عشر النبات يعطي المادة وهي البذر ويعطي بها مع ذلك
قوة يترك بها نحو الصورة ..فالذي أعطاه الاستعداد أكبر عصر للشك في التاريخ الحديث»(.)21
وهكذا ظهرت في القرن التاسع عشر مقولات من والقبول الصورة هي القوة الأنثوية ،والذي أعطاه
قبيل (الدين أفيون الشعوب) لكارل ماركس ومقولة مبدأ يتح َّرك به نحو الصورة هو القوة الذكرية»(.)18
(هل مات الإله) و(أن الإله مات وسيظل ميتا ونحن وقد ع َّد الفارابي القلب هو العضو الرئيس في
الذين قتلناه) لنيتشه صاحب العدمية الإلحادية ،إلى
جانب مقولات أخرى ذات نزعات تدميرية تصب كلها البدن ،لكونه ُيخلق أو ًل ولأ َّنه السبب الذي بموجبه
يتم تكوين سائر أعضاء البدن ثانيًا( ،)19ولهذا صار
في باب إثارة التفكير باتجاه التشكيك في الثوابت القلب هو الرئيس للمدينة الفاضلة ولا رئاسة له في
العلمية ونقض العقل وتهميشه .وهذا ما دفع إلى المدينة الجاهلة والفاسقة والضالة.
أن «لا تكف العلوم الإنسانية الراهنة عن اجتراح ثان ًيا :عمرو شريف
قنوات ومسالك جديدة لدراسة تمثلات المقدس في والمنهج العلمي
الوعي والسلوك وما يفيض به وبضميره اللاوعي
الجمعي ( ،)...أما بحث وتحليل أثر الدين كعامل وجد الدكتور عمرو
ف ّعال في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية شريف أن هناك علاقة
وثقى بين الثورة العلمية والثقافية؛ فهو أهم مشاغل ورش البحث ومختبرات
العلوم الاجتماعية»( ،)22ولا يخفى أن الإلهيات
التي شهدها العالم في
والعقائد والغيبيات هي التي تث ّور التساؤلات وتوقظ مطلع القرن التاسع عشر
الاستفسارات من منطلق «أن ك ًّل من العلم والفلسفة وبين التنوير الفلسفي
(العقل) يشبعان في الإنسان احتياجاته المادية الذي نقل الفلسفة إلى
والجسدية والعقلية والنفسية»( .)23وتسعى الإلهيات ميادين حداثية جديدة.