Page 34 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 34
العـدد ١٩ 34
يوليو ٢٠٢٠
إن الغائية من التَّأويل ،هي« :أن يفهم المؤول وأثر تا ٍل للمرحلتين السابقتين ،وتعقيبًا على ما فات،
الكاتب أكثر مما فهم هو نفسه»(.)6 واستدرا ًجا لكل ما هو آت ،متي ثقف عوده التخميني
التفسيري ومتى وقف إزاء زعازع العبثية الفوضوية
وسنبسط الكلام في ذلك في وجازة ووجاهة
مؤداها: للأحكام المسبقة غالبًا ،ومتى استشعر جدوى
-1التمييز بين الأحكام المسبقة ،الغث منها التفسير ،متى ذلك كله؛ فالمؤول يرنو إلى التّأويل
ويحيل على سيرورات تأويلية وصيرورات جعلية لا والثمين ،الردئ والجيد.
-2منطقية التفسير للمنتوج الأدبي ،وموازنته متناهية تشتم فيها الأبدية ،ويرسل تساؤلات توطئة
لمقدمات تفسيرية ،هي علل الفهم آنئ ٍذ ينبري فكره
بتفسيرات سابقة وراهنة ولاحقة. ولباب عقله في تأويل ما ق َّر ووقر ،تأوي ًل يصطبغ
بصبغة العصر على ضوء معطيات ومدخلات ثقافية
-3أن يرتدي ويتز َّيا المفسر رداء المؤلف، راهنة ذات لحظة تأويلية؛ تأوي ًل يفي بشواغل فكرية
من حيث معايشة تجاربه ورؤاه ،وتأثير العوامل تستغرق كل هواجس هذا الَّذي يطالع ويتصفح ذاك
المحيطة به جام ًعا في إهابه لم ،كيف ،ماذا؟ أو
بتعبير إيكو «أنا بحاجة إلى قارئ يكون قد مر بنفس
التجارب التي مررت بها في القراءة أو تقريبًا»(.)7 العمل الإبداعي ،هي مرحلة إذن تمثل مرك ًزا وقطبًا لكل
-4فهم الفراغات والبياضات والفجوات بنفس القدر الطروحات يتجاوب فيها الداخل والخارج ،وتنصهر
الذات بالغير ،والأنا بالآخر ،ويتمازج الظاهر بالباطن ،الَّذي يفهم به النص المكتوب ،أي إنه على المؤول أن
ومتى غادرت هذه المرحلة خط التماس بين كل أولئك ،يتعامل مع نص ظاهر وآخر باطن ،مع الذات والآخر،
مع الوجود والعدم ،الموجود مع الموجود بالقوة، ومتى فرغت من إذابة حوائل صلبة شطرت هذا عن
والموجود بالفعل واض ًعا في الحسبان اندماج ذات ذاك ،ث َّمة التأويلات الثاوية الكائنة عند نقطة التقاطع
بينهما وأنهما أمشاج متآلفة ،لا متباينة. بين الصياغة الصورية الداخلية للعمل ،وبين إعادة
التصوير الخارجية للحياة؛ وهذا مخ َّطط لتلك المراحل:
-5وجوب علاقة طردية ،بين صحة التأويلات
وانضباطها ودقتها ،وليس َكميتها وصحة الفهم،
مرحلة الأحكام المسبق ة
فكلما كان الفهم مستقي ًما حكيم النسيج متينه ،كلما مرحلة التفسير
كان التَّأويل حصي ًفا ،لا و ْهي ،لا خلل. سيرورة تأويلية
-6توافق الفهم مع سائر الأفهام ولا يند عنها؛ مرحلة التأويل
إلا ريث َّما يميط اللثام عن إرادات منتقبات. مرحلة الفهم
-7أن يكون صاد ًرا عن أُولي
دراية ،ودربة ،ومران ومصقو ًل
بالحيدة الموضوعية ،مشفو ًعا بعلل مرحلة التفسير مرحلة الأحكام
تتكيف مع مدخلات ومخرجات المسبقة
الإبداع ،متجنبًا مزالق الهوى. سيرورة تأويلية
-8يكون معب ًرا عن صاحبه
ومنبثقا من قناعات ميتافيزيقية،
أنطولوجية يتواءم «والدازين (أو
الوجود الإنسانى) ،كما قطع بذلك
هيدجر»(.)8 مرحلة الفهـم مرحلة التأويل
-9آنية الفهم ،وأن يكون
ذا تحيين دلالي لاستراتيجية
وقناعات النص.