Page 177 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 177

‫‪175‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫بها في بداية حياته العملية‪.‬‬        ‫في مدونة «رسائل إلى لا‬           ‫وطعمها‪ ،‬وهو الذي عاش‬
       ‫ثم توقفت عن العمل‪،‬‬          ‫أحد» يقابلنا الكاتب الملتزم‬         ‫في الأحياء الشعبية‪ ،‬يأكل‬
                                   ‫من الصفحات الأولى‪ ،‬ففي‬          ‫طعامها‪ ،‬ويمشي في شوارعها‬
    ‫يقول الكاتب «كان رقمي‬        ‫الرسالة الأولى‪ ،‬يقول الكاتب‬        ‫وأسواقها ضاح ًكا مسرو ًرا‪.‬‬
   ‫بين العاملين ‪ ،٥٣٢‬وحين‬           ‫معل ًقا على نصيحة صديقه‬        ‫إن متعة التذكر‪ ،‬ونوستالجيا‬
  ‫غادرتها بعد عشر سنوات‪،‬‬           ‫الشاعر عبد المنعم رمضان‬              ‫الطفولة‪ ،‬لم تمنع الكاتب‬
  ‫كان عدد عمالها اثني عشر‬                                            ‫من نقد الوضع القائم الذي‬
  ‫أل ًفا‪ ،‬الآن هم أربعة آلاف»!‬        ‫«ماذا يفعل من تعود أن‬             ‫ارتفعت فيه المباني‪ ،‬على‬
   ‫وقد امتدح عودتها للعمل‪،‬‬         ‫يكتب في السياسة وشؤون‬           ‫كورنيش الإسكندرية‪ ،‬وتغير‬
                                                                     ‫التصميم المعماري للمدينة‪،‬‬
     ‫لكنه يذكر أي ًضا تحويل‬          ‫الحياة‪ .‬يصيبني الإحباط‬             ‫وظهرت أسوار حديدية‪،‬‬
    ‫عدد من عمالها للمحاكمة‬        ‫أكثر وأحاول أن أقنع نفسي‬          ‫تحجب الهواء‪ ،‬وتمنع الناس‬
     ‫بسبب احتجاجات قاموا‬                                            ‫من الوصول للشاطئ إلا أن‬
  ‫بها‪ ،‬ولا ينسى الكاتب دور‬           ‫بالبلادة»‪ ،‬وهو بمناسبة‬         ‫يسددوا رسوم دخول‪ .‬وهي‬
‫الترسانة في مظاهرات ‪١٩٧٧‬‬         ‫ذكر مطاعم السمك‪ ،‬يذكر أن‬           ‫إحدى «الرسائل» التي يبعث‬
   ‫في الإسكندرية‪ .‬ويعترض‬
     ‫الكاتب على نزع البازلت‬         ‫صاحب «مطعم اللول» قد‬                 ‫بها النص‪ ،‬كما سنرى‪.‬‬
                                 ‫ألقي القبض عليه‪ ،‬لأنه احتج‬
       ‫الأسود من الشوارع‪.‬‬        ‫على هدم المبنى الذي يقع فيه‬           ‫الكاتب الملتزم‬
‫وفي الرسالة الرابعة يتعرض‬
                                   ‫مطعمه‪ ،‬ضمن خطة تطوير‬                      ‫التحق إبراهيم عبد‬
       ‫الكاتب لوسائل النقل‬       ‫للمنطقة‪ ،‬وما يؤلم الكاتب هو‬           ‫المجيد بـ»منظمة الشباب‬
     ‫الجماعي ونقل البضائع‬        ‫وضع العمارات الشاهقة على‬          ‫الاشتراكي» حتى عده مؤرخ‬
‫بالقطارات‪ ،‬ثم يقول «لا أريد‬       ‫الكورنيش‪ ،‬فيسميها «غواية‬              ‫الحركة عبد الغفار شكر‬
    ‫أن أنظر حولي إلى المباني‬                                          ‫ضمن ‪ ١١‬مثق ًفا وصحافيًّا‬
 ‫الجميلة التي ُهدم ْت‪ ،‬وقامت‬                       ‫العصر»‪.‬‬
     ‫مكانها العمارات العالية‬     ‫وفي الرسالة الثانية‪ ،‬نفهم أن‬            ‫وإعلاميًّا حققوا نجا ًحا‬
   ‫القبيحة‪ ،‬هذا يحدث في كل‬                                             ‫في الحياة مستفيدين من‬
 ‫مصر»‪ ،‬لكن الكاتب لا يكتب‬           ‫الوعي السياسي لدى عبد‬            ‫عضوية المنظمة‪ ،‬والتدريب‬
   ‫مقا ًل‪ ،‬بل سرد فني‪ ،‬لذلك‬        ‫المجيد‪ ،‬قد تكون مبك ًرا ج ًّدا‬    ‫الذي تلقوه في صفوفها(‪.)20‬‬
 ‫نراه فجأة يقول «لماذا أعيش‬        ‫حتى قبل الالتحاق بمنظمة‬          ‫ولا ينكر إبراهيم عبد المجيد‬
 ‫في الماضي دائ ًما؟ لن أتحدث‬     ‫الشباب‪ ،‬ففي مرحلة الدراسة‬             ‫التأثير الإيجابي للمنظمة‬
‫في ذلك»‪ ..‬لكنه سيظل يتحدث‬         ‫الإعدادية «كان يتم إخراجنا‬
   ‫في القضايا العامة مض ِّف ًرا‬                                           ‫في حياة أعضائها(‪.)21‬‬
    ‫إياها مع سرد الذكريات‪.‬‬              ‫مبك ًرا أحيا ًنا للتظاهر‬      ‫لكنه التحق أي ًضا منذ عام‬
   ‫يتوقف الكاتب في الرسالة‬           ‫ضد نوري السعيد(‪ )23‬في‬           ‫‪ ١٩٧٢‬بـ»الحزب الشيوعي‬
  ‫الخامسة أمام تمثال محمد‬          ‫العراق‪ ،‬أو ضد الاستعمار‬
 ‫علي (‪ )١٨٤٩ -١٧٦٩‬فيقول‬                                                   ‫المصري»‪ ،‬وهو تنظيم‬
    ‫إن الخديوي إسماعيل قد‬              ‫تمجي ًدا لنكروما(‪ ،)24‬أو‬           ‫سري أصبح أعضاؤه‬
     ‫احتاج لفتوى من الإمام‬          ‫من أجل الجزائر وكفاحها‬           ‫مطاردين من السلطات‪ ،‬في‬
‫محمد عبده (‪)١٩٠٥ -١٨٤٩‬‬            ‫للاستقلال»‪ .‬ويتذكر الكاتب‬          ‫زمن السبعينيات من القرن‬
  ‫بشرعية عمل التماثيل‪ ،‬لكن‬          ‫«خطبة الصباح» التي كان‬             ‫العشرين‪ ،‬ثم ترك العمل‬
      ‫الكاتب غاضب ج ًّدا من‬         ‫يلقيها المدرسون تحمي ًسا‬       ‫السياسي كليًّا عام ‪.)22(١٩٧٨‬‬
                                  ‫للتلاميذ «كانت خطبة تنفث‬
                                 ‫فينا نار كراهية الاستعمار»‪.‬‬

                                      ‫في الرسالة الثالثة يذكر‬
                                   ‫الكاتب «الترسانة البحرية»‬
                                  ‫في الإسكندرية‪ ،‬وقد توظف‬
   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182