Page 179 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 179

‫‪177‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫شاكر عبد الحميد‬                ‫سعيد الكفراوي‬                      ‫يقارن السرد ما كان في‬
                                                               ‫طفولة الكاتب وشبابه‪ ،‬بما‬
     ‫بتتبع العربة أو السيارة‬   ‫أي ًضا «لماذا أعيش في الماضي‬  ‫هو كائن اليوم في شيخوخته‪،‬‬
 ‫التي تنتقل به «لا يزال خالد‬     ‫دائ ًما؟ لن أتحدث في ذلك‪،‬‬
 ‫يمشي بالسيارة‪ ،‬وصلنا إلى‬                                           ‫فيربطه بشخصية من‬
                               ‫تكفي الإسكندرية»‪ .‬وليست‬        ‫الشخصيات «إن فنا ًنا كبي ًرا‬
   ‫شارع المكس‪ ،‬وسننحرف‬           ‫كل الأسئلة من هذا النوع‪،‬‬
 ‫يسا ًرا إلى مينا البصل»‪ .‬وفي‬   ‫فحين آلمه المشهد في ميدان‬       ‫مثل عصمت داوستاشي‪،‬‬
‫موضع آخر «العربة تحركت‬         ‫المنشية‪ ،‬ألقى سؤا ًل ينطوي‬          ‫صار يخشى أن يخرج‬
                                ‫على استنكار شديد للوضع‬             ‫بلوحاته أمام السكان‪،‬‬
    ‫قلي ًل فابتعدت عن شارع‬      ‫الذي صار إليه أمر العمارة‬
    ‫الميدان»‪ .‬ويقول «تحركت‬                                     ‫الذين صاروا كلهم يرتدون‬
                                  ‫في الإسكندرية «لا بد أن‬       ‫جلابيب‪ ،‬وتنزل اللحى إلى‬
      ‫السيارات فتحركنا على‬      ‫نخرج من المكان وسنخرج‪،‬‬          ‫صدورهم‪ ،‬تغير الشاطئ‪،‬‬
  ‫مهل‪ ..‬سنلتف وندخل فيما‬       ‫البحر في واجهتنا‪ ،‬وسنصل‬
  ‫كان يسمى ميدان الحدائق‬       ‫إليه‪ ،‬أليس في هذا البلد رجل‬        ‫ولم أعد ألتقي أصحابي‬
‫الفرنسية‪ ،‬لأنه أمام القنصلية‬                                   ‫القدامى‪ ،‬حيث كان الضحك‬
                                   ‫رشيد؟ أين ما نقرأه عن‬
                ‫الفرنسية»‪.‬‬     ‫تجديد الميادين والشوارع؟»‪.‬‬       ‫لا ينتهي بيننا»‪ .‬ثم يستل‬
     ‫ويلجأ الكاتب للأساليب‬                                      ‫الكاتب من ذكرى الضحك‬
‫الروائية في سرده‪ ،‬الاستباق‪،‬‬           ‫لقد قام الكاتب بدور‬
    ‫والعودة للخلف ‪Flash-‬‬            ‫«الراوي» أو هو أعطى‬           ‫القديم حكاية عن هؤلاء‬
 ‫‪ ،back‬فيذكر قصة صديقه‬         ‫الراوي عدة أدوار‪ ،‬منها دور‬     ‫الأصدقاء القدامى‪ .‬إن البناء‬
  ‫الأثير الفنان مصطفى عبد‬       ‫يشبه دور الراوي في الفيلم‬
    ‫الوهاب مترح ًما عليه‪ ،‬في‬      ‫السينمائي‪ ،‬حيث يتحرك‬            ‫السردي هنا بناء مركب‬
    ‫بداية الرسالة الأولى‪ ،‬ثم‬      ‫السرد مع تعليقاته‪ ،‬وهذا‬     ‫مثل سرد «ألف ليلة وليلة»‪،‬‬
‫يعود للقصة ذاتها مرة أخرى‬         ‫الدور للراوي كان يتعلق‬     ‫يعتمد على نمط «القصة داخل‬
                                                               ‫القصة»‪ ،‬فهناك قصة إطار‬

                                                                 ‫هي رحلة الكاتب الحالية‬
                                                               ‫عبر المكان الذي تغير‪ ،‬لكن‬
                                                             ‫القصص وحدها تحيي المكان‬
                                                                ‫القديم المختبئ تحت ركام‬
                                                              ‫التغيير‪ ،‬الذي لم يعد يرضي‬
                                                              ‫الكاتب‪ ،‬بل يثير حنينه‪ ،‬وفي‬

                                                                  ‫كثير من الأحيان يؤلمه‪.‬‬
                                                                  ‫ويلجأ الكاتب في خطابه‬

                                                                    ‫إلى التحول الأسلوبي‬
                                                                  ‫‪ Style Shift‬كأن يقول‬
                                                             ‫«ستضحكون عندما تعرفون‬
                                                                  ‫أن الذي يجعلني أحيا ًنا‬
                                                              ‫أذهب إلى شعبان في المنشية‬
                                                                  ‫هو أن الشارع الصغير‬
                                                                 ‫المؤدي إليه‪ ،‬اسمه شارع‬
                                                                  ‫كريت»‪ ،‬ويتحول الكاتب‬
                                                                  ‫أي ًضا لنمط السؤال‪« :‬ألا‬
                                                                 ‫أكتب لكم الآن؟»‪ ،‬ويقول‬
   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184