Page 183 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 183

‫‪181‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫على الرغم من أ ّن الروائي‬      ‫يسعى هذا التحليل إلى‬        ‫السرد والتأريخ وتأصيل الهوية في أدب إبراهيم عبد المجيد‬
 ‫ليس مؤر ًخا»‪“ ،‬إلاّ أ ّن حاجة‬                                      ‫رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية» نموذجً ا‬
                                   ‫استبيان مدى العلاقة بين‬     ‫د‪.‬وليد عتلم‬
      ‫السرد للتاريخ تطلبتها‬       ‫أبعاد السرد والتأريخ‪ ،‬وأثر‬
‫التطورات الحاصلة على جميع‬
                                      ‫ذلك على تأصيل الهوية‬
  ‫المستويات‪ ،‬خاصة متطلبات‬            ‫في أدب الروائي إبراهيم‬
          ‫الرواية الحديثة(‪.)1‬‬       ‫عبدالمجيد؛ خاصة المكون‬
                                 ‫الثقافي والتراثي فيما يتصل‬
    ‫تعد الرواية التاريخية من‬      ‫بالهوية المصرية‪ ،‬والأدوات‬
    ‫أهم أنواع الروايات‪ ،‬نظ ًرا‬      ‫السردية المعنية بالتحليل‬
‫للزخم المعرفي والقيمة التراثية‬      ‫هنا تتمثل في‪ :‬المكان الذي‬
‫والتاريخية التي تقدمها‪ ،‬لذلك‬        ‫ُيعد النطاق «الجيوثقافي»‬
‫كانت المقصد الأول للكثير من‬        ‫الكاشف والمحدد لمضامين‬
 ‫الروائيين‪ ،‬الذين وجدوا فيها‬         ‫الهوية المصرية المتأصلة‬
   ‫الميدان الأول الذي يعبّرون‬    ‫والمتجسد هنا في واقع مدينة‬
                                    ‫الإسكندرية‪ .‬كذلك تتجلى‬
      ‫فيه عن إيديولوجياتهم‬        ‫المكونات السردية عبر اللغة‬
     ‫وتوجهاتهم تجاه أحداث‬            ‫أحد أبرز أدوات إبراهيم‬
  ‫التاريخ‪ .‬وقد جسدت رواية‬           ‫عبدالمجيد لتأصيل الهوية‬
 ‫«لا أحد ينام في الإسكندرية»‬
  ‫لإبراهيم عبد المجيد الانتماء‬                    ‫المصرية‪.‬‬
   ‫الوطني من خلال معالجة‬
     ‫قضاياه الوطنية‪ ،‬وأكدت‬      ‫أو ًل‪ :‬السرد والتأريخ‬
  ‫قوميته العربية عبر معالجة‬        ‫في أدب إبراهيم‬
   ‫إحدى مآسي الأمة العربية‬           ‫عبدالمجيد‪:‬‬
   ‫خلال فترة الحرب العالمية‬
                                     ‫تطورت الرواية العربية‬
       ‫الثانية‪ ،‬ومحيط مصر‬                 ‫واستطاعت فرض‬
    ‫المتوسطي بسرد تاريخي‬
 ‫جمع بين الواقعي والمتخيّل‪.‬‬        ‫خصوصيتها الإبداعية على‬
    ‫وقد اصطبغت ملامح «لا‬          ‫مستويات التشكيل الجمالي‬
    ‫أحد ينام في الإسكندرية»‬     ‫والسردي‪“ ،‬وعملت من خلال‬
    ‫بالسردية التاريخية حيث‬      ‫بعض التجارب‪ ،‬على النظر في‬
‫أضفى الكاتب واقعية التاريخ‪،‬‬     ‫الواقع من خلال التعامل معه‬
                                  ‫باستثمار التاريخ‪ ،‬وحاولت‬
       ‫التي فرضت نو ًعا من‬         ‫بذلك تقديم صورة جديدة‬
   ‫الجدية والصرامة‪ ،‬رغم أن‬
  ‫الرواية هي عبارة عن واقع‬            ‫للواقع” وعلاقة السرد‬
  ‫لشخصيات ش َّكلها الروائي‬        ‫بالتاريخ من المواضيع التي‬
  ‫وفق رؤيته الخاصة‪ .‬إلا أن‬
  ‫الروائي رسم بعض ملامح‬               ‫أثارت جد ًل واس ًعا بين‬
   ‫السرد الواقعي للتاريخ في‬      ‫المثقفين ونقاد الأدب؛ في هذا‬
  ‫هذه االملحمة الأدبية‪ ،‬لإثراء‬
‫عمله بجانب واقعي يساهم في‬           ‫السياق ُيؤ ّكد نقاد السرد‬
                                 ‫إلزامية “التاريخ في الرواية‪،‬‬
   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188