Page 185 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 185

‫‪183‬‬           ‫الملف الثقـافي‬

‫لورانس داريل‬  ‫جابرييل جارثيا ماركيز‬  ‫بلزاك‬                        ‫«الجيوثقافي» الذي يستوعب‬
                                                                 ‫يوميات الحرب والبشر‪ ،‬فهي‬
   ‫أنها تصبح مفتاحا للثقافة‪،‬‬    ‫ما يوضح خصوصية حالة‬
    ‫وعلامة من علاماتها‪ .‬فقد‬      ‫الإسكندرية كمكان في أدب‬            ‫المدينة العالمية ذات الطابع‬
 ‫عرف العالم فرنسا بروايات‬                                          ‫الخاص‪ ،‬هي الخليط متعدد‬
     ‫بلزاك‪ ،‬وأمريكا اللاتينية‬     ‫إبراهيم عبد المجيد‪ ،‬الذي‬       ‫الأجناس واللغات والأديان(‪.)5‬‬
    ‫بروايات ماركيز‪ ،‬ومصر‬           ‫يقول عنها‪« :‬الإسكندرية‬           ‫حيث عمد الكاتب إلى إعلاء‬
                                   ‫منحتنى كل شىء‪ ،‬الحب‬
      ‫بروايات محفوظ‪ ،‬وتعد‬                                              ‫سلطة المكان المتمثل في‬
   ‫الرواية من أخطر الوسائل‬           ‫والكتابة والونس‪ ،‬فقد‬            ‫الإسكندرية والتعمق فيه؛‬
‫التي تعبر عن الأنثروبولوجيا‬          ‫ولدت فى حى كرموز‪،‬‬              ‫إذ عمد إلى إبراز الحضور‬
                                    ‫وهو أحد أشهر الأحياء‬         ‫المكاني للإسكندرية وسطوته‬
      ‫الثقافية للشعوب‪ ،‬وهي‬       ‫الشعبية وأكبرها فى مدينة‬         ‫من خلال نسب الشخصيات‬
    ‫بهذا تمثل نتاجات الثقافة‬         ‫الإسكندرية‪ ،‬وهو حى‬             ‫والأحداث إليه‪ ،‬مستعر ًضا‬
                                    ‫أصحاب المهن المختلفة‪،‬‬          ‫جماليات المكان ‪-‬ليس فقط‬
        ‫وعناصرها‪ ،‬وتضمن‬         ‫ويرتبط بأحياء صغيرة مثل‬             ‫من خلال المباني والأماكن‬
  ‫استمرارها‪ ،‬وتعبر الرواية‪،‬‬        ‫غيط العنب وكفرعشرى‬            ‫ذات الطبيعة الكتلية‪ -‬لكن من‬
    ‫بشكل أو بآخر‪ ،‬عن رؤية‬      ‫الذى ولد فيه عبد الله النديم‪،‬‬       ‫خلال ما يصدره من روائح‬
                                   ‫خطيب الثورة العرابية»‪.‬‬
     ‫الروائي لمكونات هويته‪،‬‬                                           ‫وأصوات دالة على حياة‬
   ‫ومؤثرات ذلك الموقف على‬      ‫ثان ًيا‪ :‬تأصيل الهوية‪:‬‬                     ‫وأحداث شخوصه‪.‬‬

      ‫السرد للنص الأدبي(‪.)6‬‬      ‫تلعب الرواية الأدبية دو ًرا‬             ‫كذلك اتسمت الرواية‬
 ‫في هذا السياق؛ يقول الأديب‬    ‫ها ًّما في إبراز الهوية الثقافية‬    ‫بـ»أنسنة المكان» من خلال‬
‫والشاعر العراقي صالح جواد‬                                           ‫إضفاء الصفات الإنسانية‬
 ‫الطعمة‪« :‬نحن في هذا العصر‬        ‫ومقارنة الآخر بها‪ ،‬حتى‬
                                                                         ‫على الأماكن في أحياء‬
   ‫نعيش في قرية كونية؛ فلا‬                                         ‫وشوارع وأزقة وكورنيش‬

                                                                     ‫الإسكندرية؛ عبر وصف‬
                                                                     ‫تأثيرات الحرب ووقائعها‬
                                                                 ‫المتتالية على أشخاص وأحداث‬
                                                                     ‫الرواية بما يعكس حالات‬
                                                                      ‫الفرح والسعادة‪ ،‬الحزن‬
                                                                    ‫والألم‪ ،‬القلق والاضطراب‪،‬‬
                                                                     ‫الأمل والتمني‪ ،‬ليؤكد على‬

                                                                       ‫عراقة المكان وحضوره‬
                                                                    ‫ومشاركته الفاعلة في بناء‬
                                                                  ‫السرد الروائي‪ ،‬وكأن مدينة‬
                                                                    ‫الإسكندرية أحد شخوص‬
                                                                     ‫الرواية حاضرة ورئيسة‬
                                                                    ‫وفاعلة في النص الروائي‪.‬‬
                                                                  ‫وهو ما يتفق ورؤية إبراهيم‬
                                                                    ‫عبد المجيد في أن المكان هو‬
                                                                     ‫صانع الشخصيات‪ .‬وهو‬
   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190