Page 147 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 147

‫حول العالم ‪1 4 5‬‬

  ‫ذلك تصورات مفاهيمية بديلة‬          ‫البشرية‪ ،‬تم تسليط الضوء‬            ‫التقليدية على المؤسسات‬
   ‫على الهامش‪ ،‬ومن الواضح‬             ‫على الأمن الإنساني لأول‬         ‫الأمنية‪ .‬ويصعب في الوقت‬
     ‫أن هناك جهو ًدا متضافرة‬      ‫مرة بطريقة رئيسة‪ ،‬وغالبًا ما‬       ‫الحاضر العثور على مسؤول‬
    ‫في أجزاء من جنوب الكرة‬          ‫يلاحظ أن كثي ًرا مما يحتويه‬      ‫الأمن القومي الذي يفكر فقط‬
  ‫الأرضية؛ لتقديم رؤية أوسع‬        ‫يتم إدراجه في مفهوم التنمية‬      ‫من حيث التهديدات العسكرية‬
                                     ‫الإنسانية (مثل‪ :‬ستيوارت‪،‬‬          ‫التقليدية للدولة‪ .‬في الواقع‬
 ‫بكثير حول التحديات الصحية‬       ‫‪2006‬م)‪ .‬ويلاحظ تقدم التنمية‬          ‫كما جادل «ديفيد تشاندلر»‬
 ‫التي تواجهها‪ ،‬ولكن حتى الآن‬        ‫في جداول أعمال السياسات‬        ‫(‪2008 )David Chandler‬م‪،‬‬
                                     ‫بشكل ملحوظ في السنوات‬           ‫فإن ما بدا في يوم من الأيام‬
   ‫فإن المفاهيم الضيقة تهيمن‬     ‫الأخيرة‪ ،‬وهي خطوة تم التعبير‬         ‫نه ًجا جذر ًّيا للأمن تم دمجه‬
   ‫على أجندة السياسة العامة؛‬         ‫عنها بشكل كبير في اعتماد‬      ‫بشكل واضح في التيار الرئيس‬
 ‫هذا إلى جانب التوتر حول من‬        ‫الأهداف الإنمائية التي حفزت‬      ‫للسياسة الأمنية‪ .‬ومن الناحية‬
‫يستفيد من نظام الأمن الصحي‬          ‫على زيادة هائلة في الإنفاق‬        ‫الصحية على وجه التحديد؛‬
   ‫العالمي‪ ،‬كما أن هناك خلا ًفا‬  ‫على الصحة في مجالات معينة‪،‬‬
   ‫حول توزيع التكاليف‪ ،‬وكما‬            ‫ولذلك يميل خطاب الأمن‬             ‫فإن كثي ًرا من التهديدات‬
‫لاحظ عدد من النقاد؛ فإن العالم‬      ‫الإنساني إلى أداء دور تابع‬      ‫الصحية للأمن الإنساني التي‬
     ‫النامي هو الذي ُيطلب منه‬
  ‫تحمل كثير من تكاليف الأمن‬                    ‫للتنمية الدولية‪.‬‬         ‫تم تحديدها في الأدبيات‪،‬‬
   ‫الصحي العالمي‪ ،‬وينتج ذلك‬                                           ‫يتم تسجيلها بشكل جيد في‬
  ‫عن الحاجة إلى الاستثمار في‬        ‫الخلاصة‪ :‬الأمن الصحي‬           ‫التفكير الأمني المعاصر‪ ،‬سواء‬
   ‫تدابير الأمن البيولوجي‪ ،‬من‬     ‫العالمي والسخط العالمي‬            ‫أكان على المستوي القومي أم‬
  ‫أجل تلبية متطلبات المقاييس‬     ‫لا عجب أن يخشى بعضهم من‬            ‫العالمي؛ تلك التهديدات (مثل‪:‬‬
                                 ‫أن الأجندة الحقيقية وراء تعزيز‬       ‫تهديدات الأمراض المعدية)‬
       ‫الأمنية‪ ،‬بموجب اللوائح‬      ‫مفهوم الأمن الصحي العالمي‬         ‫تظل مهمشة بالنسبة للإدارة‬
  ‫الصحية الدولية‪ ،‬ويتوقع في‬       ‫–على الأقل كما يبدو من خلال‬      ‫الصحية العالمية‪ ،‬وناد ًرا ما يتم‬
  ‫حالة الطوارئ‪ ،‬أن يستخدموا‬       ‫استخدام المفهوم في الخطاب‬        ‫تناولها في أي خطاب أمني‪ ،‬ما‬
 ‫تدابير طارئة ضارة اقتصاد ًّيا‪،‬‬                                      ‫يشير إلى أن التقدم الذي تم‬
  ‫مثل‪ :‬التخلص من الحيوانات‪،‬‬          ‫السياسي– هي حماية دول‬          ‫إحرازه في تقديم رؤية أوسع‬
   ‫أو شراء الأدوية غالية الثمن‬      ‫العالم المتقدم من الأمراض‬        ‫لتهديدات الأمن الصحي كان‬
                                  ‫التي تميل من الناحية الوبائية‬
          ‫(‪.)2008 ,Ingram‬‬        ‫إلى الانتقال إليه من بعض دول‬          ‫محدو ًدا‪ ،‬وعلى أقل تقدير‪،‬‬
    ‫مرة أخرى‪ ،‬تجدر الإشارة‬        ‫العالم النامي؛ علاوة على ذلك‬       ‫يعاني الادعاء المميز الخاص‬
  ‫إلى أنه لا يوجد خطأ بطبيعته‬    ‫‪-‬في حين أن هناك أسبا ًبا جيدة‬      ‫بالأمن الإنساني (تركيزه على‬
 ‫عند محاولة الحد من الانتشار‬        ‫للصحة العامة‪ -‬فإن التأكيد‬      ‫الأفراد والمجتمعات) من حقيقة‬
    ‫العالمي للأمراض المعدية‪،‬‬        ‫على احتواء تفشي الأمراض‬           ‫أنه يصعب التنفيذ عمليًّا في‬
     ‫والواقع أنها مهمة منوطة‬       ‫داخل العالم النامي‪ ،‬يزيد من‬        ‫نظام الحوكمة العالمية الذي‬
   ‫بإدارة الصحة العالمية‪ ،‬لكن‬    ‫الشكوك حول أن الأمن الصحي‬         ‫تهيمن عليه الدول‪ ،‬وأنه يتقاسم‬
‫المشكلة السياسية مع ذلك‪ ،‬هي‬           ‫العالمي يتعلق ح ًّقا بحماية‬     ‫كثي ًرا من الأفكار مع التنمية‬
  ‫الشعور السائد بأن التكاليف‬     ‫«نحن» من «هم»‪ ،‬وتوجد خلاف‬         ‫الدولية (في هذا الصدد‪ :‬حقوق‬
‫والفوائد لا يتم تقاسمهما بشكل‬                                        ‫الإنسان)‪ .‬وفي تقرير التنمية‬
  ‫منصف‪ ،‬وأن فرصة الدخول‬
   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152