Page 178 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 178
العـدد 21 176
سبتمبر ٢٠٢٠ استجابة للتطور الاجتماعي
ولارتباط اللغة بتطور الفكر.
مسلكان فرديان ،إلى دائرة واحد سموه «كتاب الصلاة» وهذا هو الأساس اللغوي الذي
الإنسان والفعل الإنساني على أو» كتاب الصوم» ..وهكذا»، دعا شحرور إلى إنكار الترادف
امتداد مساحة الأرض والعقائد وبما أنه أوحي إلى محمد صلى بين الدوال اللغوية المنبثقة من
واللغات والثقافات .وبدا كتا ًبا الله عليه وسلم عدة مواضيع معنى أصلي واحد .فمادة «كتب»
أكبر من كل الكتب لقدرته على مث ًل يتصرف منها خمسة صور
مختلفة ،كل موضوع منها أخرى هي «كبت .تكب .بتك .تبك.
الملاءمة مع التعدد العرقي كتاب .قال سبحانه «رسول من بكت» ،وهي تدور في فلك الدلالة
واللغوي والثقافي ،وعلى الأصلية أو الدلالة الأولى ،ثم
الله يتلو صح ًفا مطهرة فيها تتباين فيما بينها تباينًا واس ًعا.
الاستجابة للتغير الناشيء من كتب قيمة» (البينة .)3 -2فمن وهذا التباين اعتمد عليه شحرور
تطور التاريخ والاجتماع ،وعلى هذه الكتب القيمة :كتاب الخلق،
حين طبق نظرية ابن جني
الثبات والدوام. كتاب الساعة ،كتاب الصلاة، على مادة «بتك» مع أن جذرها
وإذا كان هذا شأن الكتاب الأكبر كتاب الصوم ،كتاب الحج ،كتاب
اللغوي واحد وهو الحروف
بالنسبة للإنسان ،فإنه مصدر المعاملات.».. الثلاثة :ك.ت.ب .فالكتابة مدارها
كتب لا حصر لها لا يستغنى فالكتاب إذن هو مستودع الجمع والضم ،والبتاكة مدارها
عنها الإنسان ،بحيث نقول، موضوعات كبرى تتفرق
كما يقول شحرور إن أعمال وتتجمع حول مركز واحد ،مثل التفريق والتقطيع ،ومنه قوله
الإنسان كلها كتب :فعبادته كتب، قولنا« :كتاب السنة» ،ونعنى تعالى «فليبتكن آذان الأنعام»
وظواهر الطبيعة كلها كتب ،ولا به الموضوعات المتعددة التي
يوجد شيء من أعمال الإنسان، تدور حول ما أثر عن الرسول، النساء .119
وظواهر الطبيعة إلا من خلال مع أنها موضوعات متفرقة، وانطلا ًقا من الدلالة المركزية
كتب تصدي ًقا لقوله سبحانه: لأن كل موضوع منها يمثل
«وكل شيء أحصيناه كتاب» كتا ًبا بدوره يضم أشتا ًتا أخرى. للكتابة وهي الجمع والضم
الكتاب بهذا المعنى هو الذي والتأليف لإخراج موضوع ذي
(النبأ.)29 : اعتمد عليه شحرور في تصنيف معنى متكامل ،فتش شحرور
ويرى شحرور في ضوء هذا كتاب التنزيل الحكيم انطلا ًقا عن أدلة تدعم هذه الدلالة ،فرأى
من المبدأين اللذين ذكرناهما أننا في حياتنا المعاصرة نطلق
النسق أن كتاب الله هو كل من قبل وهما «التقليم» بمعنى تسميات مثل «مكتب هندسي»
الموضوعات التي أوحاها الله التمييز و»التسطير» بمعنى أو «مكتب محاماة»؛ ونقصد ما
إلى نبيه محمد ن ًّصا ومحتوى، التصنيف .فصار التنزيل الحكيم تنتجه هذه المكاتب من مخططات
كتا ًبا يتضمن كتابين هما:
وتؤلف في مجموعها هذا الرسالة والنبوة ،وكل منهما هندسية ،أو مذكرات قانونية
المتن الذي نطلق عليه تسمية يتضمن كتبًا أخرى .فالرسالة أو غير ذلك من الأعمال ذات
«المصحف» ،وأن هذا الكتاب ذات موضوعات ،والنبوة ذات الصفة الكلية المفيدة المكونة
ضم كتابين كبيرين هما :كتاب موضوعات .والكتاب المنزل من عدة عناصر .وفي تدوين
السلوك والعبادات .وهذا الكتاب على هذا النحو من الفهم المبني
غير مفروض على الإنسان الذي على التمييز والتصنيف خرج السنة النبوية والأحاديث،
لديه القدرة على الأخذ والترك، من دائرة التدين والتعبد وهما صنف المدونون كل ما يتصل
لأنه حر فيما يتقيد به وما لا بالصلاة أو الصيام تحت بند
يتقيد به من هذا الكتاب بعد أن
توفر له العلم به .وهذا الكتاب