Page 18 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 18
العـدد 21 16
سبتمبر ٢٠٢٠
الغربية ،ولقد تم اقتباسه والإشارة إليه في آلاف اعتقدت في الإمكانية لنحو مثل هذا ،إنني لا أرغب أن
الكتب والمقالات ،وأدى إلى ما أطلق عليه «جراهام أنكر ذلك) ..في ،S/Zنقضت هذا المنظور :رفضت
ألن»« :الأسطورة الثقافية لـ»بارت» )7(.وتكمن أهميته، الفكرة القائلة بنموذج متعا ٍل للنصوص المتنوعة ..لكي
فيما أتصور ،ليس فقط في الإعلان الجنائزي لموت أفترض أن كل نص يكون نموذجه الخاص إلى حد ما،
المؤلف ،وإنما أي ًضا في طرح مفهوم الكتابة والنص وأن كل نص ،في كلمات أخرى ،يجب أن تتم معالجته
والنصية ،وهي مفاهيم ارتبطت ارتبا ًطا وثي ًقا بما من خلال اختلافه و»الاختلاف» يتم فهمه –بطريقة
بعد البنيوية ،وظهور مفهوم الكتابة على النحو الذي دقيقة -بمعنى نيتشوي Nietzscheanأو دريدي
أشرت إليه سل ًفا يمثل ،من غير شك ،تحد ًيا لفكرة
)3(.»Derridean
البنية ،لأن «أية بنية تفترض دائ ًما مرك ًزا ،ومبدأ في ظل هذا التحول الذي يشير إليه «بارت» تبرز
ثابتًا ،وهيراركية (تراتبية) للمعاني ،وأص ًل جام ًدا أو نظرية التناص التي تدمر أصل المعنى ،لأن النص
صلبًا ،إن هذه الأفكار أو التصورات هي التي وضعت مكون من عناصر نصية سابقة أو هو نسيج جديد
من الاستشهادات والاقتباسات ،ولم يعد الكاتب ،في
الاختلاف والإرجاء اللانهائي للكتابة في موضع إطار هذه النظرية ،هو الخالق أو الواجد للمعنى ،لأن
البحث»)8(. المعنى مفتقد لأصله ،أو أن الكتابة على وجه العموم،
كما يطرح «بارت»« ،هي التدمير لكل صوت ولكل
إن فكرة موت المؤلف هي تدمير لفكرة الأصل الذي أصل»()4؛ لقد أقلق «بارت» كثي ًرا فكرة ثبات المعنى،
يمكن أن يرتد إليه النص ،ومن ثم تدمير لفكرة
المركز .إن الكاتب «أدى وظيفة داخل المجتمع وربما كان انتقاله من البنيوية إلى ما بعدها هو
«انتقال من المدلول إلى الدال»( ،)5كما يطرح «يانج»
الرأسمالي بوصفه «المرتكز» Anchorلدوال العمل ،Youngأو هو انتقال من العلامة المكونة من الدال
الأدبي ،فالكاتب يتم وضعه بوصفه مرك ًزا للعمل: الذي يحيل إلى مدلول ثابت أو متعالي؛ إلى العلامة
أي الأصل لمعنى العمل جميعه ،والكاتب هو أي ًضا المكونة من الدال الذي يحيل إلى دال آخر في سلسلة
تلك الشخصية التي ينبغي على كل قراءة أن تتوجه لا نهائية ،إنه تحول ناحية النصية أو الدال العائم
إليه نفسه» )9(.إن الكاتب طب ًقا لهذا التصور ،يشكل الشارد؛ إن النص لا يمكن تصوره على أنه سطر
مدلو ًل متعاليًا يقف وراء العمل ،يعيش ويفكر من من الكلمات تطلق معنى مفرد هو رسالة الكاتب،
وإنما هو «فضاء متعدد الأبعاد يكمن بداخله كتابات
أجله ،وعلاقته به هي علاقة الأب بابنه .إن موت متعددة متزاوجة ومتنافسة ،ولا أي منها يكون أص ًل:
المؤلف أو الكاتب هو علامة التمرد على سلطة الأبوة إن النص هو نسيج من الاقتباسات ،ينتج من آلاف
وتدميرها ،وبذلك يدخل النص إلى عالم التناص ،فكل
نص متناص ،وكتابة متعددة ،أو بعبارة «بارت»« :إن المصادر
أي نص يتكون من كتابات متعددة ،تنبثق من ثقافات للثقافة»)6(.
ومما تجدر
متنوعة ،وتدخل في حوار ،وفي محاكاة تهكمية الإشارة إليه
ساخرة ،وفي تنازع أو خلاف»)10(. هو أن مقال
وإذا كان «بارت» ألح مرا ًرا في مقاله «موت المؤلف» «بارت»:
على الطبيعة المتناصة للنصوص ،فإن ما يلفت موت المؤلف
( )1968من
الانتباه هو أنه لم يشر قط إلى مصطلح التناص الذي أكثر مقالاته
يبرز بوضوح في أعماله التالية ،لكن يبدو أن فكرة
التناص هي فكرة حاسمة لطرح «نظرية النص»؛ شيو ًعا في
فهذه الفكرة أكثر من غيرها قد مكنت «بارت» لكي الأكاديمية
«يبدأ توصي ًفا للنص الأدبي خارج الحدود التقليدية
لصناعة الكتابة .إن الكاتب رغم كل شيء ،هو مجرد النقدية
مؤلف للمعاني التناصية والعلاقات» )11(.لكن لا بد
من الانتباه إلى أن موت المؤلف مشروط بميلاد