Page 17 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 17
15 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
د.مصطفى بيومي عبد السلام*
رولان بارت :النص والنصية والتناص
لا يبدو غري ًبا أن يتردد في لعبة الدال عند «بارت» أطروحات «كرستيفا» حول
التناص والنص بوصفه إنتاجية ،لأن «كرستيفا» ،كما يطرح «بارت» في مراجعته
لكتاب سميوتيك« ،تقدم إلينا نظرية في السميولوجيا :أي إن السميوطيقا يجب أن
تكون نق ًدا للسميوطيقا»؛ ولأن كرستيفا قدمت تلك النظرية والمفاهيم المرتبطة
بها مثل التناص والنص والإنتاجية «لكي تواجه الأنظمة المغلقة للبنيوية مفضلة
عليها الأنظمة المفتوحة المابعد البنيوية».
يدور حول تجريد الأشياء واختزالها إلى أبنية كلية يعد «رولان بارت» شخصية مركزية للنظرية
لا تقبل النقض ،وإلى مقولات ثابتة لا تقبل المساءلة،
الأدبية والثقافية المعاصرة ،وأعماله المتعددة لديها
وإنما يحيل إلى التأمل والانتقاد الذاتي والتجاوز تأثير بالغ الدلالة في الممارسات النظرية .وربما
المستمر والتبدد ،يقول «بارت»: أتصور أن إسهاماته المتنوعة في مجالات مثل
«النظرية ،إذ يدركها المرء بطريقة دقيقة بوصفها البنيوية ،والسميوطيقا ،وما بعد البنيوية ،والدراسات
انتقا ًدا ذاتيًّا مستم ًرا ،تبدد المدلول بطريقة متصلة، الثقافية ،جعلت «بارت» في طليعة النقاد والمنظرين.
الذي يكون دائ ًما جاه ًزا لكي يتمظهر ماد ًيا Reifyوراء ويقترن اسم «بارت» بأشياء كثيرة :إعلانه الجنائزي
الشهير لـ»موت المؤلف» ،وفكرة التناص ،ودراسة
العلم»)2(.
لكن دال «النظرية يتجاوز مفهومه العام إلى مفهوم أنظمة العلامة الثقافية (الإعلانات ،تصميم المباني
خاص لدى «بارت» ،وهو مفهوم يتعلق بتحوله من والسيارات ،الملابس وأنماط الموضة ،المنظفات ،وغير
البنيوية إلى ما بعدها ،من المعنى الثابت إلى النصية، ذلك) ،والتحليل البنيوي للسرد ،ونظرية النص ،ومتعة
من النص المغلق على نفسه إلى نص يتجاوز نفسه
إلى نصوص أخرى ،من الكاتب الخالق للمعنى إلى النص أو لذته .وإذا أردنا أن نفهم شيئًا عن النظرية،
فإنه ينبغي علينا أن نقرأ أعماله وأن نرتبط بها ،فهو
القارئ الذي يمارس متعة القراءة ،من استهلاك يقف وراء معظم النظريات المعاصرة التي تدور حول
النص إلى إنتاجيته ،هذه التحولات وقعت ما بين عام الأدب .ومن الجدير بالذكر أن مصطلح «التناص» أو
«المتناص» ،كما يطرح «كومباجنون» ،Compagnon
1966وعام ،1970حيث يشير التاريخ الأول إلى
نص «مقدمة للتحليل البنيوي للسرد» ،ويشير التاريخ «تم ابتكاره في إطار الحلقة البحثية Seminar
لـ»بارت» من قبل «جوليا كرستيفا» بعد وصولها إلى
الثاني إلى كتاب “ ،”S/Zيقول «بارت»: باريس بفترة قصيرة عام ..1966لدفع اهتمام النظرية
«في النص السابق ،لجأت إلى بنية عامة قد يرتد
إليها ،من ثم ،تحليل النصوص الممكنة ..وافترضت الأدبية ناحية إنتاجية النص»)1(.
النفع الذي قد يكون في إعادة تشييد نوع ما من نحو وربما أتصور أن دال» النظرية» ارتبط كثي ًرا بما
Grammarالسرد أو منطق السرد (وفي تلك الفترة، يطرحه «بارت» ،فهو لا يحيل إلى مدلول ثابت مسيح،