Page 16 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 16

‫العـدد ‪21‬‬    ‫‪14‬‬

                                                    ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

   ‫لبنات يمكن البناء عليها‪ ،‬ومدها على استقامتها في‬  ‫البذور هي الأهم والأولى بعناية البحث وإعادة القراءة‪.‬‬
          ‫محاولة استجلاء موطئ أقدامنا الآن وهنا‪.‬‬     ‫أما التعليم فهو‪ ،‬بحسب هذه القراءة‪ ،‬المثال الذي يعد‬
                                                                 ‫لبنة رئيسة في بناء كبير اسمه الثقافة‪.‬‬
  ‫في النهاية أود مرة أخيرة التذكير بهدف هذا المقال‬     ‫ولعل طه حسين كان بصدد مد هذا الكتاب باسمه‬
‫المختصر‪ ،‬وهو الدعوة لإعادة قراءة المشاريع الفكرية‬           ‫لأكثر من جزء‪ ،‬يتناول فيها الحياة السياسية‪،‬‬
                                                         ‫وجماعات المثقفين‪ ،‬والحياة الاجتماعية‪ ،‬وعلاقة‬
  ‫الكبرى‪ ،‬وليس مشروع طه حسين للثقافة كما قدمه‬          ‫السياسة بالدين‪ ،‬وموقفنا من التراث وغير ذلك من‬
   ‫في كتابه فحسب؛ إذ بإمكان القراءات المنوعة لتلك‬    ‫الموضوعات التي يبدو أنه تناول بعضها في مؤلفات‬
   ‫المشاريع‪ ،‬مع اختلاف أدواتها المنهجية وتوجهات‬         ‫أخرى قبل هذا الكتاب وبعده‪ ،‬كما نلحظ في كتابي‬
                                                     ‫«من بعيد» و»في الشعر الجاهلي» على سبيل المثال‪.‬‬
     ‫أصحابها‪ ،‬أن توقظ الوعي العام وأن تدفعه نحو‬
 ‫مزيد من بذل الجهد لفهم اللحظة التاريخية الملتبسة‪،‬‬  ‫ما يحتاجه كتاب مستقبل الثقافة في مصر هو الوقوف‬
 ‫شريطة أن تحاول تلك القراءات والمراجعات التخلص‬           ‫عنده مرات أخرى بتأمل تلك الجزئيات التي تمثل‬

  ‫من مشكلات القراءة التي رصدنا منها هنا مشكلتي‬
      ‫الإجمال المخل‪ ،‬والاستخدام السياسي للأفكار‬

                                                                                                     ‫الهوامش‪:‬‬
                                   ‫‪ -1‬إدوارد سعيد‪ ،‬المثقف والسلطة‪ ،‬ت‪ :‬محمد عناني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬رؤية للنشر والتوزيع‪.١٩ ،٢٠٠٦ ،‬‬
‫‪ -2‬يحدد والتر أونج مجموعة من الآليات التي تميز الخطاب الشفوي‪ ،‬ومنها ما يطلق عليه‪« :‬الأسلوب التجميعي في مقابل التحليلي» وهو‬

                                                                       ‫أسلوب يميل إلى استخدام الصيغ لتقوية الذاكرة‪ .‬انظر‪:‬‬
               ‫‪ -‬والتر أونج‪ ،‬الشفاهية والكتابية‪ ،‬ت‪ :‬حسن البنا عز الدين‪ ،‬الكويت‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬العدد ‪ /١٨٢‬فبراير ‪.٨٢ -٨١ ،١٩٩٤‬‬

                   ‫‪ -3‬محمد بن سلام الجمحي‪ ،‬طبقات فحول الشعراء‪ ،‬شرح‪ :‬محمود محمد شاكر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬د‪.‬ت‪.٤٤ ،‬‬
                                                                                                        ‫‪ -4‬السابق‪.١١٠ ،‬‬
                                                                                                        ‫‪ -5‬السابق‪.٥٤ ،‬‬

     ‫‪ -6‬في مقدمة مكونة من أربع صفحات ونصف الصفحة لا أكثر يختزل سرور مشروع طه حسين في «مستقبل الثقافة في مصر»‬
       ‫إلى مشروع عن تطوير التعليم‪ ،‬ثم يستخدم إجماله المخل معد ًدا توصيات حسين حول كيفية النهوض بالتعليم في نقاط بوصفها‬

  ‫النقاط نفسها التي تبنتها الدولة في عصر مبارك‪ .‬والمتأمل لهذه النقاط التي عددها سرور بوصفها استراتيجية التعليم في مصر وقتها‬
                               ‫ستصيبه حيرة عن أي بلد نتحدث؟ أمصر‪ ،‬أم فنلندا التي تمثل نموذج التعليم الأرقى في العالم‪ .‬انظر‪:‬‬
                                              ‫‪ -‬طه حسين‪ ،‬مستقبل الثقافة في مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ط‪.٩ -٥ ،٢٠١٥ /٣‬‬
                                          ‫وسأكتفي بالإشارة إلي الكتاب في المتن بعد المقتبسات كالآتي‪( :‬مستقبل الثقافة‪ /‬ص)‬

  ‫‪Edwrad B. Tylor, Primitive Culture: Researches into the development of Mythology, Philosophy, Religion, Art -7‬‬
                                                    ‫‪.1 ,)1 .vol ,1871 ,.and Custom. (London, Bradbury, Evans and Co‬‬
                                                                                                    ‫ونص التعريف كالآتي‪:‬‬

  ‫“‪Culture or Civilization, taken in its wide ethnographic sense, is that complex whole which includes knowledge,‬‬
 ‫‪”.belief, art, morals, law, custom, and any other capabilities and habits acquired by man as a member of society‬‬
‫وبغض النظر عن مساواة تيلور بين مفهومي الثقافة والحضارة‪ ،‬يبدو التعريف هو الأقرب لما يستخدمه طه حسين في مؤلفاته معظمها‪.‬‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21