Page 21 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 21

‫‪19‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

‫أن «نظرية النص يمكن أن تقترن‬

‫فقط بممارسة ما للكتابة»‪)64.P( .‬‬

‫وممارسة الكتابة هي التدمير لكل‬

‫صوت ولكل نقطة بداية أو أصل‪،‬‬

‫إنها تحيل إلى فكرة الدال العائم‬

‫الشارد الذي يبحث عن مدلوله‬

‫ولن يجده‪ ،‬وإن وجده فإنه يتحول‬

‫إلى دال آخر وسلسلة أخرى من‬

‫الدوال‪ .‬في لعبة الدال لا يمكن‬

‫للمرء أن يجزم بمدلول مفرد‪،‬‬
‫متعا ٍل‪ ،‬ثابت‪ .‬وإذا طرحنا الدال‬

‫‪( Differance‬الاختلاف– الإرجاء)‬   ‫جاك دريدا‬              ‫جوليا كريستيفا‬  ‫جراهام ألن‬

‫على سبيل المثال‪ ،‬الذي نحته‬                              ‫ليست لعبًا بالنص‪ ،‬واللعب ‪ Playing‬يجب أن يدرك‬

‫«دريدا» نفسه لوصف فاعلية الكتابة‪ ،‬فإننا سوف‬
‫بمعنى متعدد‪« :‬النص نفسه يلعب (مثل باب يلعب على نلاحظ كما لاحظ «نوريس» ‪ Norris‬من قبل بأنه‬
                                                        ‫مفصله متحر ًكا من الأمام والخلف‪ )..‬والقارئ يلعب‬
 ‫يعاني اضطرا ًبا على مستوى الدال‪ ،‬لأنه «يظل معل ًقا‬     ‫على جانبين‪ :‬إنه يلعب في النص‪ ..‬أي أنه يبحث عن‬
‫بين فعلين في اللغة الفرنسية‪ :‬أن يختلف وأن يرجئ»‪.‬‬
                                                          ‫ممارسة تعيد إنتاجه‪ ..‬ويلعب النص»‪ ،‬أي أنه يؤديه‬
‫(‪ )18‬إن لعبة الدال تقودنا حت ًما إلى هذه الملاحظة‪ ،‬إنه‬  ‫مثلما يؤدي عازف الموسيقى لحنًا يختلف مع كل مرة‬
‫ليس ثمة معنى ثابت محدد لـ(الاختلاف‪ -‬الإرجاء)‪،‬‬
‫يلعبه أو يؤديه‪ .‬إن القراءة الاستهلاكية هي المسئولة إن المعنى قد تم تعليقه أو إرجاؤه إلى الأبد‪ ،‬ولا‬
‫بطريقة واضحة عن الملل الذي نشعر به‪ :‬أن تمل ذلك يستطيع أي منا أن يجزم بأن «دريدا» عندما يوظف‬
                                                        ‫يعني أن «المرء لا يمكن أن ينتج النص‪ ،‬أن يلعبه‪ ،‬أن‬
‫هذا الدال أو يستخدمه في كتاباته إن كان يقصد به‬
                                                        ‫يحرره أو يطلقه‪ ،‬وأن يجعله مستم ًرا»‪)63 -62.P( .‬‬
‫الاختلاف أو الإرجاء أو كلاهما م ًعا‪ .‬إن «الاختلاف‪-‬‬        ‫أما الخصوصية السابعة والأخيرة التي يتمايز بها‬
  ‫الإرجاء» ليس «مفهو ًما ثابتًا‪ ،‬ولا يمكن أن يوظف‬
    ‫بوصفه مدلو ًل ثابتًا‪ ،‬ومن ثم فإنه يمزق ويفكك‬        ‫النص على العمل‪ ،‬فهي ترتبط بفكرة اللذة أو المتعة‪.‬‬

‫التراتبية (الهيراركية) المؤسسة تقليد ًّيا بين المدلول‬    ‫إن ارتباط العمل بالقراءة الاستهلاكية تجعل متعة‬
        ‫والدال‪ ،‬الكلام والكتابة‪ ،‬العمل والنص»‪)19(.‬‬      ‫قراءته استهلاكية وجزئية أي ًضا‪ ،‬لأنها تتأسس على‬

‫إن «بارت» يعي تما ًما لعبة الدال‪ ،‬ولا ينكر أن هذه‬       ‫أن المرء لا يمكنه أن يعيد كتابة ما كتبه كتاب مثل‬
‫اللعبة هي من صنع «جاك دريدا»‪ ،‬لكنه يسهم في‬              ‫بروست وفلوبير وبلزاك وحتى ألكسندر ديماس‪،‬‬

‫إتمام اللعبة‪ .‬وإذا كانت الكتابة هي لعبة الدال‪ ،‬فإن‬      ‫وبطبيعة الحال لن يتمكن اليوم من أن يكتب مثلهم‪،‬‬

‫«بارت» لا يمل من الحديث عن الطبيعة المتناصة لتلك‬        ‫هذه المعرفة المحبِطة (بكسر الباء) تكفي لكي تعزل‬

‫الكتابة‪ .‬هذه الطبيعة تدمر المصدر والتأثير والأبوة‪،‬‬      ‫القارئ أو تفصله عن إنتاج هذه الأعمال‪ .‬إن النص‬
                                                        ‫«يكون متص ًل بالبهجة ‪ ،Delectation‬أي اللذة من‬
‫وتنفتح فقط على الدوال مجهولة المصدر والنسب‪.‬‬
                                                        ‫غير انفصال‪ ..‬إنه يشارك من خلال طريقته في‬
‫إن النص «يعيد توزيع اللغة (إنه يكون المجال لإعادة‬
                                                        ‫اليوتوبيا الاجتماعية»‪ .‬إن اللذة لا تفارق النص من‬
‫التوزيع هذه)‪ .‬وأحد السبل لهذا التدمير والتشييد‬              ‫حيث كونه نشا ًطا إنتاجيًّا بهي ًجا‪)64 -63.P( .‬‬
                                                        ‫هذه هي الخصوصيات المرتبطة بالنص والتي يمكن‬
 ‫(أي إعادة التوزيع) يكون إبدال النصوص‪ ..‬إن أي‬
‫نص هو متناص؛ فالنصوص الأخرى تكون حاضرة‬                  ‫إجمالها‪ ،‬مع قدر من الاحتراز‪ ،‬في فكرة النصية‬

‫داخلة‪ ..‬أي نص هو نسيج جديد من الاستشهادات‬
‫والكتابة؛ ولذلك فإن «بارت» ينهي مقاله بالتأكيد على القديمة‪ .‬إن بع ًضا من الشفرات والصيغ‪ ،‬والنماذج‬
   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26