Page 22 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 22

‫نق ًدا للسميوطيقا»(‪)21‬؛ ولأن كرستيفا‬                 ‫النص لن يصبح ن ًّصا إلا بوجود‬
‫قدمت تلك النظرية والمفاهيم المرتبطة‬
                                                      ‫القارئ أو بعبارة أخرى إن النص‬

 ‫بها مثل التناص والنص والإنتاجية‬                      ‫يوجد فقط عندما يتم إنتاجه من‬
‫«لكي تواجه الأنظمة المغلقة للبنيوية‬

     ‫مفضلة عليها الأنظمة المفتوحة‬                     ‫قبل القارئ‪ ،‬هنا نصل إلى أولى‬
‫المابعد البنيوية»(‪ .)22‬إن «بارت»‪ ،‬مثل‬
                                                      ‫الخصائص التي صاغها «بارت»‬
‫«كرستيفا»‪ ،‬يقوم بعملية مواجهة‬
   ‫للأنظمة المغلقة للبنيوية‪ ،‬مستبد ًل‬
‫إياها بلعبة النص والدال والكتابة التي‬                 ‫لتمييز النص عن العمل في مقاله‪:‬‬

‫تفتح هذه الأنظمة على ما سواها‪،‬‬                        ‫من العمل إلى النص (‪)1971‬‬
‫وفي ظل عملية الاستبدال هذه لا‬

‫يكف «بارت» عن استدعاء «كرستيفا»‬

‫و»دريدا» وغيرهم‪.‬‬

   ‫فيما يخص فكرة التناص‪ ،‬فإن «بارت»‬                      ‫الإيقاعية‪ ،‬وشذرات أو متفرقات اللغات الاجتماعية‬
         ‫يقر في أكثر من موضع أن الفكرة تعود إلى‬           ‫ترحل إلى النص ويتم إعادة توزيعها داخله‪ ،‬لأن‬

‫«كرستيفا»‪ .‬في كتابه «التحدي السميوطيقي» يقرر أن‬        ‫اللغة تكون هناك دائ ًما قبل وحول النص‪ .‬والتناص‪،‬‬
‫النص يشير إلى نصوص أخرى‪ ،‬وهذه الخاصية يطلق‬            ‫الشرط لأي نص أ ًّيا ما يكون‪ ،‬لا يمكن‪ ،‬بطبيعة الحال‪،‬‬

    ‫عليها‪« ،‬التناص»‪ ،‬وهي فكرة «مقترحة من «جوليا‬        ‫اختزاله أو إنقاصه إلى مشكلة المصادر والتأثيرات‪،‬‬
     ‫كرستيفا»‪ ،‬إنها تتضمن أن أي ملمح في الخطاب‬        ‫فالمتناص هو المجال العام للصيغ مجهولة المصدر‪،‬‬
 ‫يرتد إلى نصوص أخرى»(‪ .)23‬وربما لا نفهم كثي ًرا ما‬     ‫وأصلها لا يمكن أن يكون موجو ًدا أب ًدا‪ ،‬واختزاله أو‬
 ‫يطرحه «كودن» ‪ Cuddon‬بأن منظورات «كرستيفا»‬            ‫إنقاصه إلى الاقتباسات اللاواعية والآلية ‪Automatic‬‬
    ‫حول التناص «تختلف تما ًما عن تلك التي يطرحها‬      ‫المطروحة بلا علامات تنصيص‪ .‬إن مفهوم المتناص‪،‬‬
 ‫رولان بارت»(‪)24‬؛ و»كودن» لم يقدم إلينا شر ًحا لذلك‬    ‫ابيستيمولوجيًّا‪ ،‬هو ما يجلب إلى نظرية النص كتاب‬
‫أو يوضح ما نوع الاختلاف بين «كرستيفا» و»بارت»‪،‬‬        ‫أو مجلد النشاط الاجتماعي ‪ :Sociality‬أي اللغة‬

‫وربما لا نجد فر ًقا جوهر ًّيا بين ما تطرحه» كرستيفا»‬  ‫برمتها‪ ،‬السابقة والمعاصرة»‪)20(.‬‬
‫وما يطرحه «بارت»‪ ،‬لسبب بسيط وهو أن هذه الفكرة‬

‫تم تقديمها في الحلقة البحثية لـ»بارت»‪ ،‬و»كرستيفا»‬      ‫لا يبدو غريبًا أن يتردد في لعبة الدال عند «بارت»‬
     ‫و»بارت» يطرحان فكرة التناص لتأكيد الطبيعة‬        ‫أطروحات «كرستيفا» حول التناص والنص بوصفه‬

‫الإنتاجية للنصوص‪.‬‬                                     ‫إنتاجية‪ ،‬لأن «كرستيفا»‪ ،‬كما يطرح «بارت» في‬

‫إن ما نرغب في كتابته حول بارت لم تتم كتابته بعد‪،‬‬      ‫مراجعته لكتاب سميوتيك‪« ،‬تقدم إلينا نظرية في‬
   ‫إن سؤال الحقيقة قد تم تعليقه وإرجاؤه إلى الأبد‬     ‫السميولوجيا‪ :‬أي إن السميوطيقا يجب أن تكون‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27