Page 25 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 25

‫يناقش سبنسر في المقالة الأخيرة‬

‫بالكتاب حرب العراق من منظور‬

‫الاقتصاد السياسي‪ ،‬مناظًرا فكر‬

    ‫سعيد بفكر جيوفاني أريغي‬                           ‫إدوارد‬
‫الماركسي‪ .‬وتعتمد مقالة روبرت‬                          ‫سعيد‬

‫سبنسر «الاقتصاد السياسي‬

‫وحرب العراق» على إقامة مناظرة‬                         ‫العلاقة ما بين المنتجات الحضارية‪،‬‬
    ‫فكرية بين إدوارد سعيد في‬                           ‫من ثقافة أدبية وفلسفية‪ ،‬بموقعها‬
                                                        ‫السياسي والاقتصادي في لحظة‬

‫كتابيه «الاستشراق» و»الامبريالية‬                                        ‫تاريخية بعينها‪.‬‬
 ‫والثقافة»‪ ،‬وكتابي أريغي «القرن‬                       ‫ومن هذا المدخل تمكن إدوارد سعيد‬

                                                          ‫من رسم خريطة جديدة للعلاقة‬

‫العشرون الطويل» (‪ ،)1994‬و»آدام‬                          ‫بين الاستشراق كأرشيف معرف ّي‪،‬‬
        ‫سميث في بيكين» (‪)2007‬‬                          ‫وظاهرة نشوء الحركة الاستعمارية‬
                                                      ‫الغربية وتطورها‪ ،‬في سعيها الحثيث‪،‬‬

                                                      ‫لثلاثة قرون على الأقل‪ ،‬للهيمنة‬

                                                      ‫والسيطرة على مقدرات الشرق‪،‬‬

                                                      ‫وتحجيم الآخر واحتوائه‪ ،‬باعتباره‬
                                                      ‫إثنيًّا وفكر ًّيا في مرتبة أقل إنسانية عن المستع ِمر‪،‬‬
‫التقييم التي طالب بها إدوارد سعيد في كل ما كتب في‬     ‫الأكثر رقيًّا‪ ،‬كما انعكس في قدراته العلمية والتقنية‪،‬‬

‫بل والعسكرية‪ ،‬التي أباحت –وتبيح‪ -‬له السيطرة على الأدب والسياسة‪.‬‬

‫أما المقال الافتتاحي لبشير أبو منة‪ ،‬بعنوان «أنسانوية‬  ‫شعوب الشرق تما ًما مثل َما سمحت له قدرته المعرفية‬
     ‫سعيد السياسية»‪ ،‬فيشير إلى نقطة دخول سعيد‬                     ‫على استغلال الطبيعة أن يسيطر عليها‪.‬‬

‫المفاجئ والصادم لمجال الفكر السياسي كناقد أدبي‬        ‫يختص المحور الأول من الكتاب بتوضيح المفاهيم‬

‫متميز للتراث الأدبي الكلاسيكي من أعمال روائية‬         ‫الأساسية الحاكمة لمجمل فكر إدوارد سعيد النقد ّي‬

‫ومسرحية وشعرية‪ ،‬وتحوله إلى مناضل يعيد خلق‬             ‫ومفرداته منذ أولى أعماله‪ ،‬إلى كتابه الهام «بدايات»‬

‫هويته كمفكر فلسطيني مستقل في مجمل أعماله تجاه‬         ‫‪،)1975( Beginnings: Intention and Methods‬‬
                                                      ‫وصو ًل إلى أهم ما كتب متجليًا في «الاستشراق»‬
‫تراث أدبي وفكر ّي طالما همش وجود الآخر الإثني‪.‬‬          ‫‪ )1978( Orientalism‬و»الامبريالية والثقافة»‬
‫ثم يتتبع كونور ماكاثي‪ ،‬في مقاله المعنون «سعيد‪:‬‬

‫مولد الناقد»‪ ،‬الجذور الفكرية التي تأثر بها سعيد‪،‬‬      ‫‪.)1993( Culture and Imperialism‬‬
‫وأضفت على عمله كناقد طاب ًعا متفر ًدا وأصي ًل‪ ،‬يمكن‬
                                                      ‫ويعد هذا المحور الأول الأكثر أهمية في الكتاب‪،‬‬

‫أن نطلق عليه النزعة الإنسانوية ‪ ،Humanism‬التي‬         ‫فيجمع أربع مقالات‪ ،‬وهي المقالة الافتتاحية لبشير‬

‫تمتد جذورها إلى الماركسية‪ ،‬في كتابات لوكاش‬            ‫أبو منة‪ ،‬ومقال مكارثي «مولد الناقد»‪ ،‬بالإضافة‬

‫وجرامشي وانتها ًء بفرانتز فانون‪ ،‬وتيودور أدورنو‪،‬‬        ‫إلى مقالتين تحاول كل منهما إعادة قراءة كتاب‬
‫ومدرسة فرانكفورت‪ ،‬ووصو ًل إلى المفكرين ما بعد‬         ‫«الاستشراق» من منظور معاصر‪ ،‬وأثره البالغ في‬

‫الحداثيين من أمثال ميشيل فوكو‪ ،‬ولويس ألتوسير‪،‬‬         ‫مجالات النقد الأدبي وعلاقته بالحركة الاستعمارية‬

‫من جهة‪ ،‬والدور السياسي الذي قد تلعبه عملية إعادة وجاك دريدا‪ ،‬وكان سعيد يشير إلى تأثره بهؤلاء‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30