Page 28 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 28

‫العـدد ‪21‬‬                     ‫‪26‬‬

                                                       ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

‫لترهيب أي صوت للمقاومة‬

‫وإذلاله‪.‬‬

‫وتصدى إدوارد سعيد بقلمه‪،‬‬

‫وهو سلاحه الوحيد طوال‬

‫مسيرة كفاحه ‪-‬مخال ًفا رأي‬

‫الأطباء الذين طلبوا إليه‬

‫الاستجمام أثناء تلقيه العلاج‬

‫الكيميائي الموصوف‪ -‬لهذه‬

‫المحاولات الزائفة لتبرير‬

‫عدوان أمريكا السافر على‬

‫العراق‪ ،‬وتدمير بنيته التحتية‪،‬‬

‫وقتل الآلاف من الأبرياء‪.‬‬

‫ويقول العملاق الفكري العربي‬

‫أن رؤية الابتسامة الصفراء‬      ‫نعوم تشومسكى‬                         ‫محمد حسنين هيكل‬  ‫برنارد لويس‬

‫الساخرة على وجه أرييل‬                                   ‫كانت قد اعتزمته أمريكا وأعدت له العدة مسب ًقا‪ .‬وقد‬
                                                          ‫أيد هذا التحليل المفكر المناهض للهيمنة الأمريكية‬
‫شارون كانت وراء محاضراته وأحاديثه الأخيرة‬                  ‫نعوم تشومسكي (اليهودي الأصل)‪ ،‬أما مساهمة‬
                                                         ‫سعيد الكبرى فقد ارتكزت على توضيح كيفية لجوء‬
‫التي امتدت لتشمل جريدتي الأهرام المصرية‪،‬‬                   ‫الفكر الأمريكي في تبرير عدوانها غير المبرر إلى‬

‫والحياة اللبنانية‪ .‬وقد يكون إدوارد سعيد مجرد ناقد‬      ‫نفس الأرشيف الاستشراقي التقليدي الذي قام إدوارد‬
‫متميز ل ُكتَّاب «ما بعد سعيد»‪ ،‬إلا أنه بالنسبة للقارئ‬        ‫سعيد بتفكيكه وتفنيده على مدى عشرين عا ًما‪.‬‬

‫العربي‪ ،‬رائد فكري ومثال يحتذى للأصالة والمقاومة‬          ‫احتفت دوائر الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية‬
                                                             ‫من صقور ورجال بترول ومال‪ ،‬من أمثال ديك‬
                               ‫والانتماء‪.‬‬
                                                          ‫تشيني‪ ،‬وولفوويتس‪ ،‬ورامسفيلد‪ ،‬في عهد ّي بوش‬
‫بوفاة إدوارد سعيد عام ‪ ،2003‬بعد معاناة طويلة‬                  ‫الأب والابن‪ ،‬بكتابات المستشرق العتيد‪ ،‬وعدو‬
                                                               ‫الإسلام والعروبة‪ ،‬برنارد لويس‪ ،‬الذي طالما‬
‫مع المرض‪ ،‬فقدت القضية الفلسطينية صو ًتا متمي ًزا‬
‫وفري ًدا في الدفاع عن حق أصيل في الاستقلال‬                 ‫تغنى بجبن الشخصية العربية‪ ،‬وعدم قدرتها على‬
‫واقامة دولة حرة مستقلة‪ ،‬قادرة على تحدي الصلف‬             ‫العمل الجماعي‪ ،‬وعدائها المستحكم للحداثة عمو ًما‪،‬‬
‫الصهيوني‪ ،‬فترك فرا ًغا فكر ًيا هائ ًل‪ ،‬في عالم بدأت‬     ‫والديمقراطية التي تمثلها أمريكا وإسرائيل على وجه‬
‫الدوائر السياسية الرجعية التي رأت في إسرائيل حلي ًفا‬
                                                           ‫الخصوص‪ .‬ولا شك أن نجاح عملية تدمير برجي‬
‫طبيعيًا‪ ،‬منذ نشأتها وإلى الآن‪ ،‬في تشجيع تلك الدولة‬      ‫التجارة العالمية ليعد دلي ًل على القدرة على التخطيط‬
‫المغتصبة‪ ،‬بل والاعتراف بحقها في السيادة على‬
                                                           ‫والعمل الجماعي والتوقيت القاتل‪ .‬وبالطبع حاول‬
‫القدس‪ ،‬وبناء المزيد من المستوطنات في الأراضي‬             ‫الإعلام الأمريكي صرف النظر عن عمليات التعذيب‬

‫المحتلة‪ ،‬غير عابئة بأية قوانين دولية‪ ،‬وسعي أمريكا‬           ‫البربرية‪ ،‬والممارسات اللاإنسانية في سجن أبو‬
                                                          ‫غريب‪ ،‬أو إقامة معسكر شبه نازي في جوانتانامو‪،‬‬
‫الإمبريالي للعب نفس الدور الذي لعبه الاستعمار‬

‫الأوروبي‪ ،‬وقام إدوارد سعيد بتفكيكه ونقضه ونقده‬

‫طيلة ثلاثة عقود‪ .‬ونحن إذ نفتقد دور سعيد كمفكر‬

‫وباحث‪ ،‬نأمل في ظهور نقد إنساني عالمي‪ ،‬يستكمل‬

‫مشروع سعيد النقدي للقرن الحاضر‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33