Page 32 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 32
العـدد 21 30
سبتمبر ٢٠٢٠
ننتبه لذروة حياة بسبب تكرارها
ونمطيتها ،دورة تعودنا لمتاعب
عديدة ،كثيرة ،متباينة بين فرد
وآخر واستحالة تشابه صباح
مع آخر ،أجمل ما في الصباحات
المغايرة ،هي ولادة ،وموت،
وليس صعبًا التوصل إلى ما يعنيه
الموت من التعطلات الي يذهب بها
الصوفي نحو الفناء ،بعد الإدخال
بالمحبوب ،وهو يرتضي مثل
هذه الميتة لأنها أعظم ما توصل
إليه المتصوف وابتكره ،لكنه لم
يشعر بالخيبة ولم يدرك اليأس بل
ركض ذاهبًا نحو خلاص جديد هو مهدى محمد على عبد الكريم كاصد سعدى يوسف
العودة للموت والسكن فيه ،حتى
يعاود حياته مرة ثانية. وهو يقرأ ويعيد ما أسمعني إياه لأن الحكواتي يريد
كل هذه العناصر التي حاز عليها الصباح جعلت منه استجلاب المتعة للمنصت ،وأكثر إثارات السرد هي
دورة كونية منتظرة ،يظل الشاعر مشحو ًنا بكل الآمال ذات الكوامن الأسطورية والصوفية.
وبودي التأكيد على أن الأسطورة من خلايا التصوف حتى يستقبل الصباح الذي هو مثل عينيها ،ويلتقط ما
هو مماثل لهما كي يمارس لذته وخدره ،حتى يطفئ
الذي لا يتبرأ من الأسطورة ،والتشاكل الثنائي بين
بدمع طاقته كل اشتعالات بريق العينين.
الأسطورة والتصوف هو المغذي الدلالي بينهما ،لذا
كم هي عناية علوان الجيلاني بالمرويات ،لأن ذلك من
قدمت نظريات علم النفس الأدبي والإبداعي أجمل
خصائص المتصوفة بخلوتهم الصافية التي تقوده
وأهم الفحوص الشفافة والعميقة ،ولعل تجربة
نحو فضاءات بعيدة ،وعالية ،تؤنسه وتشعل الجذوات
الدكتور علي زيعور من بين تجارب كثيرة متفردة
في داخله ،وتوقظ هوسه المدفون ،ويتراكم هذا كله
باتساعها وعمقها وتميزها بمحاولات لملمة شبكات
عبر التتالي ويتشكل الميثولوجي الذي يحوز عليه
المشترك بينهما.
المتصوف ،ويتسلل عبر فجوات الشاعر ،ويوظف كل
***
ما فيه من بركات تومي للأنثى ،كما عند ابن عربي َصبا ٌح ِب َط ْع ِم ِك يا حبَّ َة ال َب َرد
الذي شرفها باسم الأنوثة وليس الأنوثة. َص َبا ٌح َك َو ْجه ِك ِق ْب َل ُة الوجو ِد ،و َمعنى الحيا ِة ،وحلاو ُة
يا إلهي ماذا يحد ُث
َأهو ف ٌّخ أق ُع فيه؟ ك ِّل شيء
لق ْد َك ُبر ُت على هذه ال َّزلا ِزل صبا ٌح ببهج ِة ابتسا َمتِ ِك وهي شم ٌس تشر ُق على ال ُّدنيا
م ْن سنوا ٍت وأنا رج ٌل عاق ٌل
أعر ُف النِّسا َء لكنِّي لا أرتج ُف لعيو ِنه َّن ُكلِّها
ولا َتص َع ُقني ابتساما ُتهن اللّذيذة صبا ٌح َكغ ّمازتي ِك خنج ٌر يقط ًر بد ِم قلبي المسكين
ماذا يحد ُث يا الله؟
أ ُّي ُة أنثى هذه؟ صبا ٌح كعيني ِك لا معنى لأ ّي شي ٍء دون ُهما
صبا ٌح كشعر ِك جنّ ُة العاش ِق وموط ُن الإثار ِة
لق ْد أعاد ْت في لحظ ٍة ك َّل العصافي ِر إلى شجرتي صبا ٌح كيدي ِك ك ُّل َما في ذاكر ِتي م ْن جما ٍل لا سب َب له
أعاد ْتها ُمل ّون ًة ُت َغنِّي
غي َر تذ ّك ِر لم َسا ِتهما
صبا ٌح مثلُ ِك يص َن ُع البهج َة ،ويصن ُع الحز َن ،ويقت ُل
علوا َن ويحيي ِه (ص)62