Page 36 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 36

‫العـدد ‪21‬‬                           ‫‪34‬‬

                                                           ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

                              ‫السيد نجم‬

‫مستقبل التجربة الحربية‬
                  ‫والرواية‬

    ‫جنس الرواية با ٍق مثل بقاء الحرب التقليدية على الرغم من التقدم‬
    ‫التكنولوجي الهائل‪ ،‬وعلاقتها بالحرية أساسي وجذري‪ ..‬والحرية‬
‫معززة للرواية في كل الأحوال‪ ،‬في حالة توافرها أو البحث عنها‪ .‬إلا أن‬
 ‫كتابة الرواية أثناء المعارك‪ ،‬يكاد يعد من غير المتوقع‪ ،‬كما أن كتابة‬
 ‫الرواية بعد الحرب لن يكون إلا بعد فترات طويلة‪ ،‬كي تعبر عن واقع‬

        ‫الحال‪ ،‬وﺇلا أصبح الغموض والترميز الغائم هو السمة الغالبة‬

    ‫و»تيودور»‪« ،‬أدورنو»‪ ..‬وقد حاولوا جمي ًعا المزج‬      ‫يعد الأدب بمثابة التسجيل الفني لخبرات الإنسان‬
 ‫بين تطور الشكل اللغوي والتطور الاجتماعي‪ ،‬أو بين‬
  ‫دراسة الشكل والدراسات الاجتماعية على اختلافها‪.‬‬           ‫في حياته اليومية‪ ،‬ولحركة الجماعات التي تسعى‬
 ‫فقد اهتم «أدورنو» ألا ينحصر النص في معنى واحد‬             ‫لحماية الفرد‪ ..‬بلا عقد مبرم‪ ،‬و»الرواية في القلب‬

     ‫يحمل أيديولوجية معينة‪ ،‬بل يؤكد أن بنية النص‬                                                  ‫منه»‪.‬‬
  ‫الأدبي تنفى عنه أي قالب أيديولوجي‪ ..‬ذلك لتخوفه‬                        ‫رؤية نقدية‪..‬‬
                                                          ‫إذا كان المدخل للأعمال الإبداعية في إطار مدرسة‬
                         ‫من ضياع الحرية الفردية‪.‬‬       ‫دراسة النص في ذاته دون النظر إلى البعد الاجتماعي‬
    ‫أما «باختين» فيفسر الصراع بين القضايا والقوى‬                ‫أو التاريخي (مثل منهج المدرسة الشكلانية‬
    ‫الاجتماعية بأنه صراع لغوى‪ ،‬يعكس وجهات نظر‬            ‫الروسية)‪ ،‬فإن المدرسة الأخرى هي ضرورة النظر‬
   ‫مختلفة‪ .‬ومن هنا كانت نظريته في التعدد الصوتي‬        ‫إلى البعد التاريخي والاجتماعي (مثل منهج ماركس أو‬
 ‫داخل النص‪ ..‬التي هي بسبب «الكرنفال» المعاش في‬                         ‫المداخل الاجتماعية لدراسة الأدب)‪.‬‬
                                                       ‫يعد «لوكاتش» من أهم رواد المدرسة الثانية‪ ،‬يرى أن‬
                                   ‫الحياة والنص‪.‬‬       ‫الفن انعكاس للواقع‪ ،‬ومعبر عن صراعاته‪ ،‬والبحث عن‬
‫في الثمانينيات من القرن الماضي‪ ،‬ظهرت مناهج أدبية‬        ‫الجوهر في الجزيئات البسيطة‪ .‬وهى تقريبًا توجهات‬
                                                           ‫«جولدمان»‪ ،‬وهو ما تبدى في كتابه «علم اجتماع‬
 ‫تدعو إلى الاستفادة من كل المداخل السابقة (لغوية‪،‬‬           ‫الرواية» حيث أبرز فكرة أن تطور الرواية ارتبط‬
   ‫اجتماعية‪ ،‬جمالية‪ ،‬فلسفية)‪ ..‬من أجل كتابة التاريخ‬    ‫بتطور المجتمعات‪ ،‬على العكس كان أصحاب المدرسة‬
  ‫الأدبي‪ .‬ويؤكد «زيما» المؤيد للمنهج الأخير المشار‬
‫إليه‪ ..‬أن التفاعل بين المناهج الأدبية المختلفة أساسي‪،‬‬                          ‫التي عنيت بالنص في ذاته‪.‬‬
‫لأن الموضوعية لا يمكن الوصول إليها إلا «عن طريق‬                 ‫أما المنهج الثالث‪ ..‬فكانت نظريات «باختين»‬

       ‫الحوار» (بين الخطابات المختلفة لكل نظرية)‪.‬‬
   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41