Page 27 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 27
25 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
يسير في التشكيك في مصداقية الفكر الشيوعي. تلقى إدوارد سعيد تهديدات فعلية بالقتل من دوائر
يناقش سبنسر في المقالة الأخيرة بالكتاب حرب رجعية وصهيونية عدة ،فشلت في مجابهته فكر ًّيا.
العراق من منظور الاقتصاد السياسي ،مناظ ًرا فكر فأعلن سعيد بشجاعة تمسكه بجذوره الفلسطينية،
سعيد بفكر جيوفاني أريغي الماركسي .وتعتمد مقالة وتعاطفه مع منظمة التحرير الفلسطينية ،ومن ثم قام
روبرت سبنسر «الاقتصاد السياسي وحرب العراق» فعليًّا ،وإن لم يكن رسميًّا ،بدور المستشار للرئيس
على إقامة مناظرة فكرية بين إدوارد سعيد في كتابيه الفلسطيني ياسر عرفات ،إلى أن اختلفا على مسألة
«الاستشراق» و»الامبريالية والثقافة» ،وكتابي أريغي
«القرن العشرون الطويل» ( ،)1994و»آدام سميث في التوقيع على اتفاقية أوسلو (.)1993
بيكين» ( ،)2007اللذان أصبحا أهم ركيزتين للفكر أما المحور الثالث والأخير ،فيتناول الأثر الأكاديمي
لفكر سعيد النقدي ،والأساليب التي قام بتطويرها في
الماركسي في القرن الحادي والعشرين. كل من كتابه «الاستشراق» ،و»الإمبريالية والثقافة».
ويرى أريغي في الأزمة التي واجهت النظام الرأسمالي
وتتناول مقالات دين وكليري وماكنيل استشراف
منذ نهايات الستينيات ،وظهور الليبرالية الحديثة مستقبل الدراسات الأدبية عامة ،وما بعد الكولونيالية
لإعادة الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي،
السبب الرئيس في قيام الولايات المتحدة –بمساند ٍة خاصة ،في القرن الحادي والعشرين .وتتفق تلك
إنجليزية ،وتأييد من القوى الاقتصادية الكولونيالية المقالات جمي ًعا على أن لرؤية سعيد النقدية للأعمال
التقليدية– بغزو العراق الذي كان قد بدأ بتحقيق الأدبية الأوروبية الكلاسيكية أبعا ًدا جغرافية وتاريخية
استقلال نسبي عن الهيمنة الغربية ،ومثل تهدي ًدا
مباش ًرا للمصالح الإمبريالية والاستعمارية بموقعه وسياسية ،لم يكن للنقد التقليدي بأقسام اللغات
الاستراتيجي بالقرب من منابع البترول الحيوية والآداب الأجنبية ليحلم بها .فبينما قام النقد التقليدي
بالتركيز على النص الأدبي ذاته باعتباره تحفة فنية
للاقتصاديات الغربية. بمعزل عن السياسة والجغرافيا والاقتصاد ،فقد اعتبر
وإننا إذ لا نرى تناق ًضا جذر ًّيا بين مقولات إدوارد إدوارد سعيد العمل الأدبي مجهو ًدا إنسانيًّا ،يعكس –
سعيد النقدية وتحليلاته السياسية للعلاقة بين الشرق بل ويتمثل في– تلاقي وصدمات عصره وقت كتابته.
والإمبريالية من ناحية ،وإدراكه العميق للجذور ويأخذ بعض أولئك المنتقدين لمفهوم سعيد للعمل
السياسية والحضارية للاستعمار في محاولته فرض الأدبي عليه تقاعسه عن تبني الماركسية كمنهج
هيمنة عالمية على العالم من ناحية أخرى ،إلا أن لاستقراء العلاقة بين الفن والسياسة .وفي الواقع،
مشروعه الفكري رفض بوعي الانسياق وراء مفهوم فإن سعيد كان متحف ًظا على الموقف الفكري للأحزاب
طوبوي ماركسي لمختلف الصراعات على أنها لا الشيوعية المختلفة تجاه القضية الفلسطينية خلال
تعدو كونها انعكا ًسا مباش ًرا لصراع فكري ما بين الأربعينيات وأوائل
الخمسينيات من القرن
الرأسمالية والشيوعية. العشرين .وفي هذا
وارتكنت الولايات المتحدة في عدوانها السافر الموقف ،نرى أن كثير
والمباشر على العراق إلى مقصدين ثبت تاريخيًّا من الجماهير العربية،
زيفهما ،وروج لهما الإعلام الغربي دون أي تحقق أو بل والمفكرين العرب،
تمحيص واقعي .أما الأول ،فهو بالطبع أن دولة العراق
كانت قاب قوسين أو أدنى من بناء قوة عسكرية رأوا في تقاعس
نووية قد تهدد أمن إسرائيل .وأما الثاني ،فكان الأحزاب الشيوعية
محاولة أمريكية لاستعادة هيبتها بعد أحداث .9 /11 عن الدفاع عن الحق
فأظهرت تحليلات ومعلومات محمد حسنين هيكل، العربي فش ًل جسي ًما
أن خطة أمريكا للعدوان على العراق كانت معدة من في القدرة على التحليل
قبل أحداث ،9 /11والتي ما كانت إلا ذريعة لتبرير ما كما أثبت التاريخ،
وساهمت بقدر غير