Page 29 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 29
27 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
ناجح المعموري
(العراق)
حياة الشعر بممنوحات المعنى
في ديوان ( َحَّب ُة الَبَر ِد)
للشاعر علوان الجيلاني
ما قاله علوان مهدي الجيلاني من مرويات ،تجربة خاصة ،وأستطيع القول
بأن الجيلاني في تجربته الخاصة ( َح َّب ُة ال َب َر ِد) ،تلفت الانتباه ويتشكل هذا
الانتباه منذ اللحظة الأولى ،حيث يفاجأ المتلقي بالمعروف التداولي وسيادة
اليومي ،لكنه يذهب بنا نحو كشوفات متنوعة للمعاني ،أو ما كرست
الكلام عليه في ابتداء هذه المقالة ،إنه شاعر لاعب ،واللعب إبداع مهاري ،لا
يقوى القارىء مقاومته ،والابتعاد عنه ،بل يزداد انجذا ًيا واقترا ًبا.
مثير للغاية ،ولعل أكثر التجارب الشعرية حضو ًرا يبدو الشعر واضح المعنى وليس صعبًا معرفة
هي نصوص الشاعر تاركل ،كما أن التجربة الشعرية
التفاصيل التي تتب ّدى مستلمة منذ اللحظة الأولى،
الحديثة التي اخترقت الكتابة الجديدة في الشعر لكن هذا لا يعني انكشاف الشعر كليًّا وانفتاح كل
الفرنسي لفتت الانتباه وكانت الأكثر إثارة في إنجاز ما ينطوي عليه ،لأن مثل هذا يفقد الشعر خصائصه
المميزة له والتي جعلت منه أقرب ما تلتقطه الأذن
سان جون بيرس. ويفيض عن شفرات لا تستسلم بشكل مباشر للتوصل
وكان تأثيرها سري ًعا في الشعرية العربية ،وأعني بها للمعنى والتعرف على الدلالات الكافية فيه ،ولعل من
أهم فيوض الشعر أن يكون سري ًعا بالاقتراب للآخر،
تحدي ًدا التجربة العراقية التي مثلها الشاعر سعدي بحيث يغزو الأذن ويتكشف المعنى ،إن لم يكن كله،
يوسف ،مصطفى عبد الله ،مهدي محمد علي ،عبد وهذا أمر مستحيل ،لأن القراءة وسلطة التلقي تبقي
الكريم كاصد ،وشكلت هذه الأسماء ملم ًحا مه ًّما على الشعر كام ًل وقاب ًل بذلك ،لكنه يمنح وجوده
وجدي ًدا ،كان لها تأثير بالغ في الشعرية العربية ،لكن
هذا لم يكتف بما توصل إليه ،لكنه اندفع ليؤسس فرصة التكشف التدريجي.
تجربة تحديث مختلفة ،وبذلك سجل الشعر ملم ًحا بودي الإشارة إلى أن الشعر ليس ك ًّل مثلما يشيع
بار ًزا ،مفاده أن –الشعر– لا يعرف السكون وإذا عرفه في بعض الدراسات لأنه في مثل هذه الحالة يتحول
إلى كلام ،وأنا لا أنفي عن الكلام ما فيه من شعر وقد
يتحول رما ًدا. عرفنا شعراء كبا ًرا ،قدموا كلا ًما جوهر ًّيا ،لكنه شعر
وأقترح نم ًطا كتابيًّا جدي ًدا ،انفتحت عليه التجربة
الحداثية العراقية الجديدة ،وهي وليدة اليومي ،ولا