Page 209 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 209
207 ثقافات وفنون
موسيقا
الصوت المؤدي لأنه الوسيط الناقل طرح جمال الدين الأفغاني وتلاميذه، البشري ومازال النيل يجري والراية
للتعبير عما لا يقال من خلال ما يقال، الشدياق والكواكبي وعبد الله فكري البيضا ،وكلها أعمال تقوم على
وهذه ميزة صوت علي الحجار القوية
في هذه المقدمة إذ يتمتع بجواب عا ٍل والشيخ محمد عبده والمرصفي نفس الفكرة :اختبار تحولات البنى
و ُع َرب موسيقية تجعل صوته ذا أبعاد والمويلحي سؤال عصر النهضة :هل الاقتصادية والسياسية على البنى
درامية. نحن متخلفون؟ وكيف نتخلص من الثقافية والاجتماعية.
أما الكلمات فهي تمثل مركز الثقل تخلفنا؟ وسنكتشف بعد مضي أكثر أما سيد حجاب المؤلف فهو (أي ًضا
الذي تتعلق به كل العناصر السابقة، من قرن من الزمان أننا نعيد طرح
مع الأخذ في الاعتبار أن الكلمات هي نفس السؤال بصياغات مختلفة ،لأن لا يحتاج مني إلى تقريظ) مؤلف
جزء من الشكل الكلي للمقدمة .وتمت حالة «التخلف» مازالت تحوطنا ،وكان يتماهى مع أسامة أنور عكاشة في
إعادة ترتيب فقراتها بنظام معين أسامة أنور عكاشة وسيد حجاب من المنطلقات الفكرية ،غالبًا ،وهذه سمة
في الجمل اللحنية ،وخضعت لترتيب المهمومين بهذه الأسئلة الوجودية الجيل الذي تربى وعيه على إنجازات
معين لعرض الموضوعات اللحنية وانعكست إجابات هذه الأسئلة في ثورة 1952وانكسارات عبد الناصر
وتطويرها الختامي ،وتتماسك كل وحقبة الفكر الاشتراكي والوجودي،
هذه العناصر لتك ّون وحد ًة تقوم على أعمالهم بصورة غير مباشرة. ومن ثم فهذا الجيل –غالبا -يعيد طرح
ما يقدمه كل عنصر بالتضافر مع ويقوم صوت علي الحجار بتجسيد السؤال حول القيمة المعرفية لهذه
كامل العناصر الأخرى ،ومن خلال هذه المعاني الشعرية التي لم يقلها الفترة وأثرها على ما جاء بعدها،
هذا التكامل بين الموسيقى والأداء ولماذا يحدث ما يحدث؟ خصو ًصا أن
والكلمات واللحن والإيقاع ينتج عمل المؤلف صراحة ،فما تعبر عنه الذي يحدث ليس أم ًرا إيجابيًّا ،ونعاني
فني يتصف بالتنوع والتعقيد ،فتصبح المقدمة ليس بالضرورة مما تقوله من تداعياته ،فيكون سؤال :لماذا
المقدمة ،بكامل عناصرها الشكلية، مباشرة ،فما تعبر عنه يظهر من خلال حدث؟ مشرو ًعا ،بل واجبًا ،ويتبعه
على نحو يبلغ من الوثوق ح ًّدا لا الصور والأصوات والألفاظ عندما
تؤدي معه الفروق الموجودة بينها تتآزر كلها في وحدة شعورية واحدة سؤال آخر لا يقل عنه أهمية :ما
إلى فصم وحدة العمل ،ومن ثم تنشأ ينتج عنها «إيحاءات» ،في الواقع فإن العمل؟ وإذا دققنا سنكتشف أنه سؤال
قيمة لا يمكن أن تتمثل في الأجزاء هذه الإيحاءات لا تقال ،إنما تنبثق عما عصر النهضة الذي قامت عليه الثقافة
وهي فرادى ،أو وهي مجتمعة في يقال وتميزه ،ومن هنا تكون قيمة
نظام آخر ،كما ذهب إلى ذلك جيروم العربية المعاصرة كلها ،يوم أن
ستولينتز.
أجرى الموسيقار المقتدر عمار
الشريعي إعادة بناء شكل المقدمة،
بأن جعل عبارة رئيسية تتكرر لازمة
بين مقاطع (كوبليهات) الأغنية ،وهي
عبارة:
تحت نفس الشمس ..فوق نفس التراب
كلنا بنجرى ورا نفس السراب
كلنا من أم واحدة ..أب واحد..