Page 210 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 210

‫العـدد ‪21‬‬                     ‫‪208‬‬

                                                     ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

  ‫سنستعمل لفظ «ال َع ْود»‪ .‬وهو ظهور‬                       ‫بطريقة واضحة‪.‬‬                 ‫دم واحد‪ ..‬بس حاسين باغتراب‬
   ‫العنصر نفسه في أماكن في العمل‬           ‫يضغط علي الحجار على لفظين في‬             ‫إيحاء هذه العبارة مقصود استبقاؤه‬
 ‫الفني مختلفة‪ ،‬وقيمة هذا «ال َع ْود» أن‬     ‫اللازمة (السراب– اغتراب) في كل‬
 ‫العنصر المكرر حينما يظهر يكون قد‬         ‫مرة تم تكرارها ويكرر (بس حاسين‬                   ‫مع المتلقي الذي يستمع إلى‬
‫اكتسب دلالات جانبية جديدة كل مرة‪،‬‬                                                   ‫المسلسل‪ ،‬لأنها عبارة تنقل إحسا ًسا‬
  ‫فيجعل للازمة دلالة جديدة كل مرة‬            ‫باغتراب) مرتين كلما ورد ذكرها‬
‫يسمعها المتلقي بعد تطوير الموضوع‬           ‫في اللازمة من خلال قرار وجواب‬               ‫عا ًّما وشعبيًّا وشائ ًعا‪ ،‬يمكن تأمل‬
 ‫اللحني وتوسيعه وعرضه في مقابل‬               ‫يشارك فيه الكورال علي الحجار‪،‬‬           ‫معنى العبارة (تحت نفس الشمس‪..‬‬
    ‫الموضوعات الأخرى‪ ،‬فتتولد لها‬                                                     ‫فوق نفس التراب‪ /‬كلنا بنجرى ورا‬
 ‫دلالات تخيلية وتعبيرية لدى المتلقي‬           ‫والنبر الزائد على ألفاظ تتماهى‬       ‫نفس السراب) ستجده كلا ًما عا ًّما ولا‬
                                             ‫مع الإحساس بالضياع والوحدة‬             ‫شيء فيه يبهر السامع‪ ،‬لكن التركيز‬
     ‫لم يشعر بها فيما سبق تكراره‪،‬‬          ‫والغربة واضح في المقدمة كما في‬            ‫عليه جعله مقصو ًدا‪ ،‬ومن ثم يتكرر‬
     ‫وكي يحافظ الشريعي على إثارة‬           ‫النبر الزائد على ألفاظ‪ :‬البعيد‪ -‬هنا–‬     ‫ضمن اللازمة في الأغنية‪ ،‬وبعد ذلك‬
   ‫هذا المعنى التعبيري التخيلي يقوم‬        ‫جدورنا‪ -‬محبة‪ -‬ثواني‪ -‬جسورنا‪،‬‬              ‫(كلنا من أم واحدة‪ ..‬أب واحد‪ ..‬دم‬
  ‫بإجراء تحويرات توهم بأن اللازمة‬        ‫وهذا النبر الزائد هو نوع من التصدير‬       ‫واحد‪ ..‬بس حاسين بإغتراب)‪ ،‬وأيضا‬
 ‫اختلفت كي يشعر المتلقي بإحساس‬              ‫‪ frontgrounding‬من خلال إبراز‬           ‫هذه فكرة موجودة في الثقافة العربية‬
 ‫من التوقع‪ ،‬وبرغبة في سماعها مرة‬          ‫اللفظ وإظهاره صوتيًّا‪ ،‬ليكون مرك ًزا‬      ‫من أيام الجاهلية بصياغات متعددة‪،‬‬
   ‫أخرى كما كان في الأصل‪ .‬واللعب‬                                                   ‫وتم إبرازها والتركيز عليها في الثقافة‬
     ‫على هذا الإحساس الجمالي غير‬                ‫تتولد حوله حالة شعورية ما‪.‬‬          ‫الحديثة من خلال الفلسفة الوجودية‬
   ‫الواعي عند المتلقي يجعل المتلقي‬       ‫استغل عمار الشريعي ما يسميه نقاد‬            ‫التي مجدت القلق والاغتراب‪ ،‬وهذه‬
 ‫كأنه حقق ما توقعه بعودة الموضوع‬                                                     ‫أفكار تشيع في معظم مقدمات سيد‬
 ‫اللحني‪ ،‬فتكتسب عملية التلقي مزي ًدا‬        ‫الفن ‪ recurrence‬ويمكن ترجمته‬             ‫حجاب التي كتبها للمسلسلات‪ ،‬فهو‬
                                         ‫إلى «ال َع ْود» أو التكرار‪ .‬ولكن لارتباط‬
              ‫من الحرارة والمتعة‪.‬‬                                                      ‫يلح على هذه المشاعر الوجودية‬
‫يمكنك أن تعيد سماع المقدمة وتلاحظ‬             ‫التكرار في البلاغة بقيم جمالية‬
                                            ‫تعجز عن وظيفة ‪ recurrence‬هنا‬
   ‫كيف تصرف الشريعي‬
 ‫في اللازمة وتكرار عبارة‬                 ‫يوسف إدريس‬               ‫على الحجار‬       ‫عمار الشريعى‬
                                           ‫سيد حجاب‬
   ‫(بس حاسين باغتراب)‬
   ‫كل مرة‪ ،‬وإعادة ترتيب‬
   ‫عبارة اللازمة المبدوءة‬
 ‫بالبيت الأول (تحت نفس‬
    ‫الشمس‪ )..‬لتبدأ المرة‬
 ‫الثانية بالبيت الثاني (كلنا‬
  ‫من أم واحدة‪ )..‬وتتكرر‬
   ‫اللازمة هنا مرتين بهذا‬
‫الترتيب الجديد‪ ،‬وفي المرة‬
‫الثالثة يعيد عبارتي اللازمة‬
  ‫بطريقة جديدة (كلنا من‬
   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215