Page 71 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 71

‫‪69‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

  ‫إجازة من الدراسة والعمل في يومهم هذا ومثلهم‬       ‫ومرح بلا توقف كأن روحينا تعارفا من زمن موغل‬
                                                                                          ‫في البعد‪.‬‬
‫العمال والموظفين‪ ،‬إجازة مشروطة باتخاذ أماكنهم‬
                                                            ‫ز ّمر صديقه طاهر من سيارته الفيات ‪128‬‬
‫على طول الطريق‪ ،‬حاملين لافتات الترحيب مرددين‬           ‫أسفل البيت ليعلمه بالوصول‪ .‬تلك السيارة التي‬
      ‫الهتافات استقبا ًل أو تودي ًعا للضيف العظيم!‬      ‫كان “يتق َّمع” بها ويعطرها ويدللها في خدمات‬
      ‫الطريق الذي دخلنا فيه هرو ًبا من هذا العبث‬     ‫توصيل البنات ولمآرب أخرى‪ .‬كانت تعشقها بنات‬

  ‫الرئاسي انحشرنا في منتصفه؛ فبقينا على زاوية‬            ‫السبعينيات؛ فهي دلالة على بدء ثراء صاحبها‬
                                                                                 ‫وقدراته المستقبلية‪.‬‬
  ‫من طريق أضيق وأكثر ازدحا ًما‪ ،‬لنجد أنفسنا في‬
     ‫النهاية قد خرجنا منه إلى حيث كنا‪ ،‬قال خالي‬         ‫نزلنا جمي ًعا من البيت‪ .‬نزلت ياسمين مصرة أن‬
                                                    ‫تحمل له شنطة يده‪ .‬تأخ َر ْت لحظة للخلف ثم دست‬
                                                    ‫رسالة في الشنطة أمامي‪ ،‬متعمدة أن أراها أنا فقط‪.‬‬

                                                                                  ‫لأنبّه خالي بالطبع‪.‬‬
                                                                    ‫ولم تكتمل حكاية ياسمين وحاكم‪.‬‬

                                                                         ‫***‬
                                                                 ‫اقتربنا من طريق المطار‪ .‬اشتد زحام‬
                                                                ‫السيارات‪ ،‬تلاه بطء ثم شلل تام‪ .‬بدت‬
                                                                  ‫صفوف الأمن المركزي بوضوح في‬

                                                                       ‫شكل “التشريفة” المعتاد الذي‬
                                                                           ‫يوقف حال البلاد والعباد‪.‬‬

                                                                         ‫اضطررنا للدخول في طريق‬
                                                                          ‫فرعي أطول يوصل للمطار‪.‬‬
                                                                          ‫فجأة س ّب خالي وهو ينفث‬

                                                                                   ‫دخانه في غضب‪:‬‬
                                                                     ‫“الله ين َع َلك يا رئيس يا خانكة يا‬

                                                                                       ‫بن الخانكة!”‬
                                                                     ‫ضحكت من الجملة‪ ،‬فابتسم رغم‬

                                                                                              ‫غيظه‪.‬‬
                                                                  ‫كان رئيس الجمهورية يودع ضيفه؛‬
                                                                ‫فانغلق الطريق ساعات طويلة لأغراض‬
                                                                    ‫أمنية‪ ،‬من وسط البلد حتى المطار‪.‬‬
                                                                 ‫وتلك هي أسوأ الأيام حش ًرا في حياة‬
                                                             ‫القاهرة التي تتخشب فيها الحركة ويتذمر‬
                                                               ‫الناس وتتسمم خواطرهم‪ .‬في مثل هذه‬
                                                              ‫المناسبات الرشيدة‪ ،‬تخرج بالأمر أفواج‬
                                                         ‫من تلاميذ المدارس والمعلمين الحاصلين على‬
   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76