Page 77 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 77

‫‪75‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

  ‫ويخطرني ولو من باب المجاملة بأنهم سيذيعون‬
  ‫عم ًل من أعمالي حتى أستمتع بإبداعي وأسعد به‪.‬‬

     ‫رغم ذلك فإني ألتمس لهم العذر‪ ،‬فكل العاملين‬

 ‫بالإذاعة الآن شباب ذوو ثقافة محدودة لا يعرفون‬

  ‫حتى أسماء كتاب الإسكندرية المشاهير في مصر‬

   ‫والبلاد العربية‪ .‬هم يؤدون عملهم كموظفين ولا‬

    ‫يعبأون بشيء آخر‪ .‬حتى الأجهزة التي يعملون‬

 ‫عليها أصبحت بالية متقادمة لم تخضع حتى اليوم‬

    ‫للتجديد أو التطوير‪ .‬عمو ًما لم يعد هذا يزعجني‬
   ‫كثي ًرا منذ أن اعتدت على أن كل شيء في بلادي‬

                       ‫آخذ في التدهور والانهيار‪.‬‬

 ‫الوحيد من بين أصدقائي القدامى من عشاق إذاعة‬

   ‫الاسكندرية وبصفة خاصة سهراتها الأسبوعية‪،‬‬

 ‫هو الفنان القدير علي الجندي الحاصل على وسام‬

‫الدولة للفنون‪ .‬أحد المتبقين القلائل من رفاق رحلة‬

    ‫الفن والإبداع التي عشناها م ًعا بحلوها ومرها‪.‬‬
   ‫كلما أذاعوا لي سهرة أو ملخ ًصا مضغو ًطا لأحد‬
‫مسلسلاتي الشهرية السابق إذاعتها‪ ،‬اتصل بي على‬

    ‫الفور قبل العاشرة والنصف بقليل لينبهني إلى‬

‫الاستماع إلى عمل من هذه الأعمال التي رحل معظم‬

 ‫مخرجيها وممثليها على مدى سنوات العمر الفائتة‬

 ‫والتي بلغت ستة وسبعين عا ًما حتى اليوم‪ ،‬شهدت‬
        ‫خلالها بعين ْي رأسي دفن الجثامين الثلاثة‪.‬‬

      ‫اتصل بي اليوم ليخبرني أنهم سيذيعون لي‬

 ‫سهرة تمثيلية كوميدية بعنوان‪« :‬المتعوس وخايب‬

  ‫الرجا»‪ .‬على الفور تذكرت فكرتها الأساسية‪ ،‬وإن‬

 ‫لم تحضرني التفاصيل لمرور ما يقرب من خمسة‬

  ‫وأربعين عا ًما على كتابتها وإذاعتها‪ .‬سألت نفسي‬
                                     ‫على الفور‪:‬‬

    ‫‪ -‬بمن أتصل لأبلغه بالنبأ حتى يشاركني متعة‬

                                      ‫الاستماع؟‬
‫فكرت طوي ًل قبل أن أتأكد من صحة الإجابة التي لا‬

                                 ‫مفر منها وهي‪:‬‬

                                      ‫‪ -‬لا أحد!!‬
   72   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82