Page 80 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 80

‫العـدد ‪21‬‬    ‫‪78‬‬

                                                      ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

‫رضا البهات‬

‫جميزة برتقانة*‬

 ‫تحت المطر ينحني أحدهما على الآخر‪ ..‬بينما الصوت‬          ‫تشبه القرية فوق التبة‪ ،‬صد ًرا عري ًضا تتجاور فيه‬
      ‫الحريمي والذى لا يزال بعي ًدا‪ ،‬قد تغيرت نبرته‪.‬‬   ‫الأثداء‪ .‬أثداء من الطين هي بيوت عتيقة عتباتها تحت‬
                      ‫إني جعلتك في الفؤاد محدثى‬
                   ‫وأبحت جسمي من أراد جلوسي‬                ‫مستوى الأرض‪ .‬تطلق البشر ثم تبادل خطواتهم‬
                       ‫فالجسم من للجليس مؤنس‬          ‫حافظين إيقا ًعا من الصبر والأمل‪ .‬ليسلمهم آخر النهار‬
                 ‫وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسى**‬
                                                        ‫إلى الاضطجاع فوق المصاطب‪ .‬الجوزة في أيديهم‪،‬‬
  ‫ففهم بأن المولد قريب‪ ،‬واستغرب أن تكون صاحبة‬         ‫والبلغم يتدلى خلفهم أزرق وأصفر وأخضر وزجاجي‪.‬‬
                     ‫الغناء على علم بهذه الفصحي‪.‬‬
                                                           ‫يتقلب فيهم الطين‪ ،‬ويتقلبون فيه فاجئين الصبح‬
      ‫رأي شجين لامرأتين إحداهما منطرحة مفتوحة‬          ‫بصراخ رضع جدد‪ ،‬يتلقى النيل خلاصهم وصررهم‬
  ‫الساقين فاستكثر أن يجرى هذا في الريف‪ ،‬سرعان‬           ‫المبللة تشيعها الدعوة بكثرة الرزق‪ .‬هؤلاء الأسلاف‬
 ‫ما وجد المرأة الثانية تغرف الطين‪ ،‬وتستبعد ما تظنه‬     ‫الجدد‪ ،‬ما أسرع ما سوف يشبون نحو الأمهات بينما‬
 ‫حصاة أو شظية ثم تدلك به فخذي النائمة التي كانت‬
   ‫تكز مصدرة تأوهات مكتومة يعقبها صمت‪ ،‬تعاود‬                    ‫يفعل فضل الروائح في عقولهن الصغيرة‪.‬‬
   ‫بعده إطلاق نفس التأوهات ثم تكز‪ ..‬باقترابه قالت‬                                   ‫‪ -‬بدأت تعرفني أهه!‬
‫المرأة المنحنية‪ ..‬فيه حاجة يا أستاذ! سألت ولم تكف‬
‫عمل يدها بينما النائمة تقبض بيدها على البوابة‪ .‬وهي‬       ‫‪ -‬أمال‪ ..‬مش بنت حلال‪ ،‬شبه المرحومة بالضبط‪،‬‬
                                                         ‫ربنا يبارك فيها لحد ما أعلمها وأجوزها‪ .‬بينما تطل‬
               ‫تطلق زومة طويلة وتخاطبها الأخرى‪.‬‬
      ‫‪ -‬إجمدي‪ ،‬طيب إحزقي كمان‪ ..‬هه‪ ..‬كمان مرة‪..‬‬                      ‫نتوءات جديدة‪ ،‬وتصير بيو ًتا جديدة‪.‬‬
                                                        ‫في أول ليال ظل الطبيب الجديد يتقلب إلى أن أيقظه‬
                                     ‫يارب‪ ..‬هه‪..‬‬
          ‫وهكذا حتى أصدرت النائمة صرخة طويلة‪.‬‬             ‫صوت حريمي مغطيًا على نقيق الضفادع والمطر‬
‫بعدها انفجر بكاء مسرسع‪ .‬همت النائمة برأسها‪ ،‬لكن‬       ‫فنظر من وراء الشيش‪ .‬إنما لم ير غير فقاقيع صغيرة‬
       ‫غلبها الإرهاق فألقت بالرأس إلى الوراء متعبة‪.‬‬
‫رفعت المرأة المنحنية الوليد في الهواء وراحت تضرب‬          ‫تعوم قبل أن تنفجر مخلفة اللاشيء بينما يواصل‬
     ‫ظهره خفي ًفا غير عائبة بوجود رجل‪ .‬ونظر ليجد‬        ‫الصوت الحريمى غناءه‪ .‬يا غلَّة ماليه الشوال‪ ،‬يا غلَّة‬
 ‫النائمة وقد ضمت الصغير وراحت تتمتم بكلام قرب‬
‫رأسه‪ .‬لا أحد يعرف بأنه طبيب الوحدة الجديد‪ ،‬فاتخذ‬                                         ‫ناقصة الكيال‪.‬‬
   ‫طريقه وهو يخمن من أي البيوت يجيء هذا الغناء؟‬        ‫ذهب النوم‪ ،‬فارتدى ملابسه متخ ًذا الطريق إلى فوق‪.‬‬
                                                        ‫إلى قلب القرية التي أقيمت الوحدة الصحية خارجها‬

                                                           ‫هناك‪ ،‬في المقهي سيجد د‪.‬مجدى وحوله يتحلق‬
                                                           ‫الشباب يحكى لهم حواديت طفولته‪ ،‬فهم يحبون‬

                                                                                              ‫حكاياته‪.‬‬
                                                           ‫ما إن صار عند بوابة الوحدة حتى طالع شبحين‬
   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85