Page 129 - merit 43- july 2022
P. 129

‫‪127‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫قصــة‬

        ‫(‪)١‬‬

‫وحين جاءتني الفتاة الطويلة الممشوقة التي‬
‫اخترتها‪ ..‬أحنت لي رأسها مرحب ًة وتقدمتني بهدوء‬

‫نحو الغرفة التي سيعاد فيها تركيب جسدي‬

                                      ‫المتهاوي من جديد‪.‬‬

‫وضعت لي كأ ًسا من الشاي الأخضر الساخن على‬
   ‫طاول ٍة خشبية بقربي تتصاعد أبخرته وتداعب‬

                                      ‫وجهي عند كل رشفة‪.‬‬

                                      ‫وقالت لي بهمس الفراشات‪:‬‬
‫بعد أن تشرب كأسك‪ ،‬اخلع كل ملابسك وارت ِد هذا‬

‫السروال القصير‪ ،‬ث َّم تمدد سيِّدي على هذا التخت‬
     ‫الذي بالكاد وجدته يتسع لجسدي المنهك‪.‬‬
‫وفي اللحظة التي ارتجلت أصابعها السحرية عازف ًة‬
‫بحذق على ظهري ولجت سري ًعا في ِنعاس الحلم‬
‫والخيال المبتغى متلذ ًذا بعزف الأوتار وإيقاعاتها‬

     ‫المحمومة تضغط على جسدي‪.‬‬

‫كنت أشعر بأنفاسها متلاحقة تنزلق كالزيت بخفة‬

                                      ‫على رقبتي وتضاريسي‪.‬‬

     ‫كنت أسمع تهدجاتها تختلط بتأوهاتي‪.‬‬

‫عرقها العطري ينضح من جسدها ويمتزج بخيط‬

‫أمننفاأعسلىي‪..‬ر أقبحتريكحرتأىسفيلقيتمْين ًةاليوتي َّي‪.‬س‪.‬رة‬  ‫المتسرب‬   ‫الزيت‬
                                                            ‫أن التقط‬  ‫أحاول‬

‫ووجهي منكفئ على الوسادة‪ ..‬أصابعها تما ًما‬
     ‫كورقة حجر تتحرك بقسوة حريرية‪.‬‬
                                      ‫بخف ٍة ثقيلة‬
‫عرلىجلفيَّخوأذ َّيستثغمرقسافقي َّي‪..‬‬  ‫تداعب كف ْي‬   ‫بأصابعها‬          ‫تنزلق‬
                                                    ‫وتضغط‪..‬‬           ‫تدعك‬

‫غفوتي اللذيذة‪ ،‬ث َّم تضغط بإصب ٍع واحد كأنها‬
‫تريد أن تخرج بقايا الألم من أعصابي إلى أطراف‬

                                      ‫أصابعي‪ ..‬أتأوه‪ ،‬فتعتذر‪.‬‬

‫غبت عن لحظتي فجأة‪ ..‬مستمت ًعا بأنشودة العزف‬
                                      ‫على أوتار جسدي‪.‬‬
‫(ولج ُت أدغا ًل من أشجار الموسيقى‪ ..‬وتلا ًل بيضاء‬
‫من الأضواء‪ ..‬رأيت خلف التلال صبايا لا أجساد‬

‫لهن‪ ،‬كن أروا ًحا بيضاء كطيور النورس تلتقط‬
‫حبات النغم من بحيرات الثلج الذائب في ألحانه‪ ،‬ثم‬
‫تصعد محلق ًة أموا ًجا راقصة كسر ٍب مضطرب في‬
                                      ‫فضاء الغابة الموسيقية‪.‬‬

‫وعلى ضفاف نهر النغم رأيته أورفيوس محتضنًا‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134