Page 130 - merit 43- july 2022
P. 130
العـدد 43 128
يوليو ٢٠٢2
بد ًءا من أعلى الرقبة حتى أطراف قدم َّي ..وتخيلت نايه الأثير يبحث بعينيه بين الأشجار والظلال عن
جسدي مر َّص ًعا بالحجارة الساخنة كقطعة من حبيبته ليلى ،وحين رآني مقب ًل عليه خائ ًفا متلفتًا
لوحة فسيفسائية متقدة تتصاعد منها الأبخرة. للوراء أخذ يعزف لحنًا حزينًا مجنو ًنا تك َّسر على
أثره نايه إلى قط ٍع صغيرة فهاجت عليه طيور
وقبل أن تتركني تحت ثقل هذه الحجارة وتذهب الظلام الجارحة فق َّطعت أوصاله).
وضعت على أ ِّم رأسي حج ًرا مفلط ًحا رقي ًقا دافئًا
صحوت مفزو ًعا من هذا الحلم الغابي المدهش حين
وهمست في أذنيRelax : ربتت الفتاة بأصابعها على كتفي العاري وطلبت
(رأيتني من ّع ًما جال ًسا على حجر ..أط ُّل على سهو ٍل مني الاستدارة والنوم على ظهري ..عندها لم أ َر
جرداء تحيط بها الجبال. غير ورق ٍة خضراء تطوف في المكان وتحط بحن ٍو على
الجبال لها قم ٍم مدببة. صدري.
والغيوم السوداء قبعا ٍت من الماء المحبوس. بعد مو ٍت صغير.
تهطل أمطار السماء على جسدي العاري الذي كانت د َّبت الحياة في جسدي من جديد.
تغطي عورته ورقة خضراء من أوراق الشجر. ()٢
وحين توقف المطر
حانت الساعة الثانية.
رأيته كالنور يمشي في دربه نحوي مع غبشات
الفج ْر اختفت الفتاة وتركتني قرابة عشر دقائق أتأمل
المكان الظليل ثاني ًة ..مضم ًخا بأروما الزيت الذي
لم أر جسده ..لكن سمعت صوته
خافتًا ..مؤن ًسا كصوت الفتاة التي كانت تر ُّص كان يلتمع منه كل جسدي ..منصتًا لموسيقى
الصينية ناعمة متماوجة هذه المرة ،تماوج الطاقة
الأحجار الساخنة على جسدي
قال لي فيما يشبه الأمر: التي حلَّت في أعضائي .وحين أقبلت من جديد
عليك أيها الجالس على الحجر سمعت قرقعة الحجارة السوداء اللامعة والمتعددة
أن تح َّط بحجرك هذا في الأعالي على القمم المدببة الأحجام تقلبها في موق ٍد خزف ٍّي كان موضو ًعا في
زاوية الغرفة.
وتس ِّوي رؤوسها.
لقد نفقت كل أسراب الطيور وتساقطت في كنت متحم ًسا لغموض اللحظة القادمة ،واجتاحني
شعور بالبرودة اللذيذة داخل عظامي ،كأن جسدي
المنحدرات طعا ًما للذئاب والسحالي.
قلت له: يتهيأ لهذه المغامرة المثيرة.
طلبت مني النوم على وجهي ،منكش ًفا ظهري..
من يحملني الحجر أم أحمل الحجر فوق رأسي؟
عندها سمعته يهمس: وجسدي كله صار طوع كفيها.
اب َق جال ًسا على ح َجر ْك يا ابن فرناس وسأب ُّث فيه جاءت بالحجر الساخن الأول ومررته سري ًعا على
من روحي وتصعد على بساطه حتى أعالي القمم. ظهري ث َّم كتف َّي ث َّم رقبتي فشعرت بلسعته القوية
شعرت بالحجر صار له جناحان. ممت ًصا جلدي جز ًءا كبي ًرا من حرارته قبل أن
وحين اقتربت من القمة لفحتني سخونة الحجر من تمرره على اليت َّي وساق َّي وصو ًل إلى كف ْي قدم َّي.
تحتي ..وتساقطت أجنحته. كم كان شعوري بالمتعة لاحدود له ..أحسست
وحين هويت أسفل المنحدر بدف ٍء لا مثيل له يمتد داخل عظامي ويقودني نحو
تكالبت عليَّ النسور الجائعة..
صرت طعا ًما لكل البشر). لحظات من الكرى.
وضع ْت الحجر الكبير ثاني ًة في الموقد وحملت
()٣ في كفيها أحجا ًرا ساخن ًة أخرى طازجة ومعتدلة
الأحجام ،وأخذت ترصها بعناية على امتداد جسدي
أنا الآن في الساعة الثالثة والأخيرة ..وقد ُش ِح َن ْت