Page 125 - merit 43- july 2022
P. 125

‫‪123‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫قصــة‬

     ‫قلبها يحرقها من الطعمية وتقرر تنزل السوبر‬        ‫تاكل الخبز الصابح على مهلها وتفتح قزازة نبيذ‪.‬‬
         ‫ماركت تاني يوم‪ .‬تكسل‪ .‬اليوم اللي بعده‪.‬‬        ‫عمرها ما عملتها‪ .‬حتى مامتها مكانتش بتشرب‪.‬‬

       ‫رجليها والتاكسي ياخدوها للجمعية‪ .‬البنات‬           ‫القزايز من أيام أبوها‪ .‬فكروا يرموها وبعدين‬
 ‫والستات بشعورهم المكوية‪ .‬تقعد «ماريان» وتضم‬                ‫منفذوش الفكرة‪ .‬أي فكرة بتفقد قيمتها لو‬
                                                                                         ‫متنفذتش‪.‬‬
  ‫رجليها تحتها‪ .‬زمان كانت مامتها هي اللي بتتولى‬
     ‫الكلام والشكر الطويل ومباركة الرب‪ .‬ماريان‬        ‫تقعد على الكنبة وتتمدد‪ .‬تفتح برنامج فيه ستات‬
                                                     ‫بلاستيك بيضحكوا للكاميرا بسنان بيضا زي اللي‬
‫لسانها تقيل في اللغة دي‪ .‬مش قلة عرفان بالجميل‪.‬‬      ‫كانت بترسمها في كراسة الرسم وتلونها بالأبيض‬
                       ‫بس ملل التكرار‪ .‬بيخنقها‪.‬‬
                                                                                   ‫والمدرسة تقولها‪:‬‬
 ‫تحس بعصبية لما الكرسي ينتش جيبتها‪ .‬الوعظة‪/‬‬          ‫‪ -‬عملتي بشرتهم غامقة وسنانهم بيضا أوي كدة‬
  ‫الدرس‪ /‬المقابل بيبتدي داي ًما بحدوتة‪ .‬والنهاردة‬
    ‫الخادم‪ /‬شبه الكاهن‪ /‬طالب الطب بيحكي عن‬                             ‫ليه؟ سيبي اللون على طبيعته‪.‬‬
    ‫أسرة اتحرمت من الإنجاب سنين وأخي ًرا الرب‬             ‫ماريان تتأمل أجسامهم المنفوخة وشعورهم‬
                          ‫أعطاهم شهوة قلوبهم‪.‬‬         ‫الطويلة الناعمة‪ .‬كل واحدة فيهم تمنها كام؟ مين‬
   ‫«ماريان» تقاوم النعاس والرغبة في الاختباء‪ .‬لو‬
    ‫اتصادف حد من كنيستها هنا هتكون فضيحة‪.‬‬                         ‫صنعها؟ بتدخل الحمام زينا ولا لأ؟‬
                              ‫تسخر من نفسها‪:‬‬        ‫تاكل الخبز على مهل‪ .‬تفتكر البوسة اللي طبعتها على‬
             ‫‪ -‬وأنا مين يعني عشان يلسنوا عليا!‬      ‫إيد أبونا‪ .‬ليلة التناول بتعتدل أفكارها والليل بيفقد‬
            ‫تقف تستنى الظرف‪ .‬الظرف الشهري‪.‬‬
    ‫تفتحه في البيت قبل ما تاخد َن َفسها من السلم‪.‬‬       ‫سلطانه عليها‪ .‬تسرح كتير‪ .‬تتخض من نفسها‬
                                                        ‫وتعتدل في جلستها والخبز يقع منها عالأرض‪.‬‬
‫تسمع صوت أستاذ حبيب وهو بيسلم على ضيوف‬                 ‫وهي نايمة على جنبها تغمض عنيها‪ .‬نظرة عنين‬
  ‫نازلين من عنده‪ .‬تقف جنب الباب شوية تتصنت‬             ‫أبونا بتطاردها حتى دلوقت‪ .‬وقتها الخاص‪ .‬اللي‬
                                  ‫على أحاديثهم‪.‬‬
  ‫تملا البانيو وتمدد فيه‪ .‬تحس بالجوع‪ .‬بس تميل‬               ‫بتختلي فيه بنفسها‪ .‬ومبتكونش «ماريان»‪.‬‬
 ‫راسها وتتمنى لو كل الأصوات اختفت من العالم‪.‬‬              ‫الزمن أكبر عدو للسعادة وأكبر هادم للمتعة‪.‬‬
 ‫المرة دي لقت مكان‪ .‬رغم إنها وصلت قبل ما أبونا‬      ‫فاتت الأيام زي كل الأيام اللي جت قبلها‪« .‬ماريان»‬
 ‫يظهر بدقيقة واحدة‪ .‬ضحك مع الشمامسة قبل ما‬              ‫خرجت السوق مرة واحدة واشترت شلة خيط‬
  ‫يقف قدام المذبح‪ .‬عينين «ماريان» مسحت صورة‬          ‫عشان تكمل الجيليه‪ .‬اكتشفت لما رجعت إن درجة‬
                                                     ‫اللون مختلفة‪ ،‬أغمق ِسنَّة‪ .‬فضلت تدور في الجيليه‬
‫المسيح على الصليب‪ .‬قلبها دق كأنها بتستعيد لحظة‬       ‫يمين شمال مش عارفة تحلها إزاي‪ .‬لازم تهد كل‬
        ‫الصلب‪ .‬كأنها أمه بتبكيه مرة تانية وللأبد‪.‬‬
                                                               ‫شغلها وتعيده وتعمل لونين متداخلين‪.‬‬
  ‫عنيها اتعلقت لحظة بوش أبونا وبعدتها‪ .‬مين ده؟‬          ‫سابت الشغل وال َّشلَّة جنبها وقعدت تحملق في‬
     ‫كأنها تعرفه‪ .‬شافته قبل كدة‪ .‬وشه بيحمل لها‬
   ‫فكرة أو إحساس قديم‪ .‬شفايفه بتتكلم‪ .‬الكلمات‬                                               ‫الفراغ‪.‬‬
                                                       ‫تاخد قرار وتسيبه يفلت من بين طيات ذاكرتها‪.‬‬
‫بتنزل على وجدانها تغسله‪ .‬بيتكلم عن الرجاء‪ .‬إزاي‬      ‫تاخد غيره وتسيبه يلقى نفس المصير‪ .‬أيامها تبدو‬
  ‫هو مختلف عن الأماني والأحلام والطموح‪ .‬إزاي‬
          ‫هو اللي بيمهد لنا الأرض للحياة الأبدية‪.‬‬                                         ‫بلا نهاية‪.‬‬
   ‫ماريان تبص عالمسيح المصلوب‪ .‬الأبدية بالنسبة‬         ‫تتفرج على قنوات مسيحية‪ .‬تكرس وقتها للفهم‪.‬‬
                                                     ‫تحس ببعض السلام‪ .‬والنوم ييجي أسرع‪ .‬تلاقي‬
‫لأم النور دموعها اللي ذرفتها عليه‪ .‬الأبدية بالنسبة‬    ‫كتاب الصلوات صدفة وهي بتدور على إبرة رقم‬
‫ليسوع مجد‪ .‬الأبدية بالنسبة لأبونا الملكوت‪ .‬الأبدية‬     ‫اتنين في درج مامتها‪ .‬تفكر نفسها بالتخلص من‬
                                                     ‫الكراكيب‪ .‬لازم تعمل ده قبل العيد وإلا‪ ..‬وإلا إيه؟‬
                            ‫بالنسبة لها هي إيه؟‬        ‫هتخجل من الزيارات‪ .‬مين هيزورها السنة دي؟‬
   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130