Page 101 - merit 42 jun 2022
P. 101

‫نون النسوة ‪9 9‬‬

                                                                   ‫تعيشها» (ص‪.)3‬‬

                                                                   ‫تصبح رحلة البحث عن‬

                                                                   ‫العلاج هي رحلة البحث عن‬

                                                                   ‫الذات المسكونة بالخيبات‬

                                                                   ‫والهزائم‪« :‬بهذه الجملة‬

                                                                   ‫البسيطة انتهى وجودنا‬

                                                                   ‫عند طبيب العيون يا زياد‪،‬‬

                                                                   ‫نخرج نحن الثلاثة دون أن‬

                                                                   ‫ننطق بكلمة‪ ،‬لا أنظر إليك‬

                                                                   ‫ولا تنظر إلى أبيك‪ ،‬نغادر‬

                                                                   ‫عيادة العيون إلى عيادة المخ‬

                                                                   ‫والأعصاب فو ًرا‪ ،‬نسير‬
                                                                    ‫في الشارع لا نرى ما‬

                                                                   ‫أمامنا‪ ،‬كركب مهزوم‪ ،‬أنا‬

                                                                   ‫في المقدمة وأنت في الوسط‬

‫رولان بارت‬  ‫جابرييل جارثيا ماركيز‬                 ‫إيزابيل الليندي‬  ‫وأبوك آخرنا‪ ،‬لا يقوى عن‬
                                                                     ‫رفع قدميه عن الأرض»‬

                                         ‫أي ًضا‪.‬‬                                          ‫(ص‪.)5‬‬
  ‫سوف يقول قارئ ما ليس كل القراء يعرفون أن‬
 ‫للكاتبة ابنًا توفي بالسرطان حتى يتم هذا التطابق‬  ‫ومنذ تلك اللحظة وقد أخذت الساردة قرار التعافي‬
 ‫السيرذاتي‪ ،‬هذا صحيح تما ًما‪ ،‬لكن الكاتبة أرادت‬
 ‫لساردتها أن تكون كاتبة‪ ،‬بل أرادت أن تستعرض‬       ‫بالحكي‪ ،‬التعافي من أثر معرفتها بمرض زياد‪،‬‬
‫مشوارها الأدبي منذ أن كانت كاتبة ناشئة في نجع‬
  ‫بعيد في جنوب مصر‪« :‬ألم أقل لك كيف أصبحت‬         ‫والتعافي من كل خيباتها وهزائمها‪ ،‬فبدأت الذاكرة‬
  ‫كاتبة‪ .‬ربما هو قدر أ َّل أكتفي بمشكلاتي وأعيش‬
   ‫أزمات أبطالي أي ًضا! الذين كما أخترعهم أخترع‬   ‫تنثال‪ ،‬فجاء قرار الحكي لزياد عن تاريخها‬
  ‫لهم عق ًدا ونفسيات غير سوية‪ .‬القراء لا يعرفون‬
                                                  ‫النفسي والاجتماعي‪ ،‬لتسرد علاقتها الشائكة‬
    ‫لماذا شخصياتي مركبة‪ .‬ربما لأنهم لا يعرفون‬
 ‫نظرية النص الغائب‪ ،‬التي تقول إن وراء كل نص‬       ‫والمرتبكة بزوجها وأمها وأخوتها الرجال‪ ،‬علاقتها‬
 ‫يكتب قصة حقيقية‪ ،‬تنبثق منها كل القصص‪ ،‬مع‬
                                                  ‫بأبيها وتاريخه‪ ،‬علاقتها بالثقافة الذكورية التي‬
    ‫انزياح خفيف‪ ،‬يكتفي القارئ بالقصة الظاهرة‬
 ‫فقط‪ ،‬ليظل النص المتواري معينًا خافيًا‪ ،‬ينهل منه‬  ‫تحكم وعيها ووعي أمها ووعي الجميع في بيئة‬

                 ‫الكاتب كل قصصه» (ص‪.)274‬‬          ‫الجنوب بكل تعقيداتها وتشابكها‪« :‬ما أجمل أن‬
    ‫رأت الساردة أن في الكتابة مسر ًبا تستطيع أن‬
    ‫تلوذ به من قسوة الحياة النفسية والاجتماعية‬    ‫ننفصل عن الواقع باستحضار الذكريات‪ ،‬نبقى‬
   ‫التي تعيشها‪ ،‬في بيئة ذكورية تنكر عليها أبسط‬
                                                  ‫في الحاضر بأجسامنا فقط‪ ،‬ما دامت المقدرة على‬
         ‫حقوقها‪ ،‬مع زوج لا يهتم بها ولا ينشغل‬
‫بمشاعرها‪« :‬وصلت إلى ضرورة أن أكتب‪ ،‬مستغلة‬                          ‫صياغة الواقع مقيدة» (ص‪.)86‬‬

                                                                   ‫تمثلات السيرة الذاتية‬

                                                      ‫رغم التجنيس الواضح على النص بأنه رواية‪،‬‬
                                                     ‫إلا أن الكاتبة قامت ببث عناصر سيرتها الذاتية‬

                                                       ‫في فضاء النص‪ ،‬سواء بالمطابقة المتماثلة بين‬
                                                     ‫الساردة والكاتبة «منى» أو السرد بضمير الأنا‬
                                                  ‫مع استخدام ضمير المخاطب «الأنت»‪ ،‬حيث تتوجه‬
                                                  ‫بالسرد إلى «زياد» ابنها‪ ،‬ابن الساردة وابن الكاتبة‬
   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106