Page 105 - merit 42 jun 2022
P. 105

‫نون النسوة ‪1 0 3‬‬                                           ‫لم يتوقف الهاتف عن الاستفسار إذا ما كنت‬
                                                         ‫صاحبة القصص المنشورة أم أن الأمر لا يعدو‬
     ‫النصوص الغائبة في الرواية‬                         ‫سوى تشابه أسماء‪ ،‬وأثناء فرحتي لظهور اسمي‬

‫النصوص الغائبة في الرواية هي مجموع الإشارات‬                ‫جنبًا إلى جنب مع كتاب الأعمدة الثابتة أعلنت‬
     ‫الثقافية‪ ،‬التاريخية والأدبية التي يتناص معها‬     ‫الخبر‪ ،‬وقلته بما يشبه الفخر‪ ،‬الأمر الذي استدعى‬
     ‫المبدع وينقلها إلى فضائه النصي بغية التعالق‬
                                                          ‫نقا ًشا طار ًئا معه لم يقدم عليه في أكثر أزماتنا‬
 ‫والتفاعل بينها وبين هذا الفضاء الروائي‪ ،‬ويشير‬                     ‫شدة‪ .‬سخرت من فكرته التي قالها‪:‬‬
   ‫البعض إلى أن‪« :‬التّناص يتمثَّل في الإرث الثقافي‬
  ‫الذي يفد إلى المبدع من كل مكان‪ ،‬وفي كل زمان‪،‬‬             ‫‪ -‬انشري باسم مستعار‪ ..‬زي بنت الشاطئ!‬
   ‫غير عابئ بالحدود المكانية والزمانية‪ ،‬وعليه أن‬                              ‫عندما لم أجب استرسل‪:‬‬
    ‫يتكيف مع هذا الإرث آخ ًذا منه ما يحتاج إليه‪،‬‬
     ‫ومكو ًنا صو ًرا مستمدة منه لكنها مغايرة له‪،‬‬      ‫‪ -‬طيب إيه رأيك اكتفي بالتوقيع بالحرفين الأولين‬
   ‫ويدخل فيه (التناص الخارجي والداخلي) سواء‬                                                ‫من اسمك‪.‬‬
                ‫أكان النص قدي ًما أم ُمعاص ًرا»(‪.)7‬‬
         ‫وتحكم ك َّل مبد ٍع مجموعة من ال ُّنصوص‬        ‫لكني كنت قد حسمت أمري‪ ،‬وانتهى النقاش عند‬
                                                                                 ‫هذا الحد» (ص‪.)281‬‬
 ‫والثقافات‪ ،‬يفيد منها ويحدث بها تفاع ًل نصيًّا في‬
   ‫فضاء الرواية‪ ،‬ويشيع هذا النَّوع من التَّناص لما‬    ‫ولما تتمكن من الدفاع عن مشروعها الإبداعي يبدأ‬
    ‫يتَّصف به من وعي كامل بالنصوص السابقة؛‬               ‫مجتمع الذكور في إطلاق الشائعات حولها حتى‬
                                                        ‫يشككوا من مصداقيتها واستحقاقها لأي مكانة‬
      ‫فهذا لا يعني أن نهمل تلك الإشارات الهائلـة‬
  ‫التي تتشكل في منطقـة اللاوعي عند المنتج‪ ،‬فك ُّل‬     ‫أدبية يمكن أن تصل لها‪« :‬حدث ما جعلني أتوقف‬
  ‫نـ ًّص ‪-‬على ما يحتويه من إبداع‪ -‬هو نسي ٌج من‬           ‫عن الكتابة عامين‪ ،‬ظللت فيهما أصرخ بصمت‪،‬‬
 ‫الاستشهادات والنصوص السابقة‪ ،‬وكل منتج أو‬                  ‫وأخبط رأسي في جدران وهمية لتنزف ألمًا لا‬
   ‫مبدع ‪-‬حسب رولان بارت‪« -‬يكتب منطل ًقا من‬
   ‫لغته التي ورثها عن سالفيه؛ والكتابة هي شيء‬          ‫يراه أحد‪ .‬بدأت التداعيات عندما وصلتني رسالة‬
                                                      ‫بالبريد‪ .‬كانت مقالة تحمل عنوا ًنا مستفزا «كاتبات‬
     ‫يتبناه الكاتب‪ ..‬وهذا الرأي لا يختلف كثي ًرا في‬   ‫النجع يحصلن على الجوائز بالرشاوى الجنسية»‪،‬‬
 ‫فهم اللغة واستدعاء كل ما يحتاج إليه منها للقيام‬
                                                        ‫استرجعت أحداث الشهور السابقة عندما قررنا‬
   ‫بعملية تحويل جديدة لإنتاج نص إبداعي جديد‬            ‫في نادي الأدب النسائي غزو عالم الكتابة‪ .‬أرسلنا‬
  ‫مرتبط بالجذور‪ ،‬فالرواية الدقيقة إلى هذه المقولة‬
                                                           ‫أعمالنا إلى مسابقة الإقليم‪ ،‬التي أعلم عنها في‬
     ‫تنبئ بأن شعراء العربية لم يخرجوا عن ذلك‪،‬‬               ‫جريدة قنا‪ .‬عندما أعلنت النتيجة كنا فائزات‬
    ‫فتداخل النصوص في ضوء الاتجاه الخارجي‪،‬‬              ‫بالمراكز الأولى الثلاثة‪ .‬كان حد ًثا هز عالم الكتاب‬
 ‫وفي ضوء لغتهم الموروثة أساس انبثاق تجربتهم‬
                                                                                ‫في النجع» (ص‪.)289‬‬
          ‫الإبداعية في حالتي المماثلة والمخالفة»(‪.)8‬‬      ‫تعي الكاتبة ميثاق السيرة الذاتية واشتراطاته‬
       ‫وقد وعت الشيمي هذا التعالق النصوصي‪،‬‬
 ‫فحشدت في فضائها الروائي الكثير من النصوص‬                      ‫الفنية وأنه بجب أن يعتمد على الصراحة‬
        ‫الغائبة التي أحضرتها لتقيم بها جملة من‬             ‫والاعتراف والبوح‪ ،‬وهو ما لم يتحقق للكاتب‬
   ‫التفاعلات النصية بغية الوصول إلى دلالة كلية‪،‬‬          ‫العربي‪ ،‬فما بالك بكاتبة‪ ،‬تقول‪« :‬سأراوغ كثي ًرا‬
   ‫وأول هذه النصوص الغائبة تناصها مـع رواية‬
    ‫«باولا» لإيزابيل الليندي‪ ،‬ولأن الكاتبة تعي أنه‬            ‫كي لا يطابق ما أكتبه الحقيقة‪ .‬ما زالوا لا‬
    ‫يمكن لقارئ ما أن يربط بين الروايتين‪ ،‬وربما‬          ‫يعرفون معنى الكتابة‪ ،‬ويكتبون من وراء حجب‪،‬‬
      ‫يتهمها بالسرقة الأدبية فهي تشير في نهاية‬
                                                          ‫ويمارسون الحياة بأسماء مستعارة‪ ،‬ووجوه‬
                                                      ‫مستعارة‪ .‬سأجد الكثيرين يلتهمون السطور بحثًا‬

                                                          ‫عما يدينني‪ ،‬ويقربون الشخصيات في روايتي‬
                                                         ‫إلى أشخاص يعرفونهم‪ ،‬ويضيفون ويحذفون»‬

                                                                                          ‫(ص‪.)384‬‬
   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110